منذ صدور الأمر الملكي السامي بدمج وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم والكواليس الجامعية تزخر بالحوارات التي تسعى جاهدة لوضع مبررات منطقية لذاك الاندماج المفاجئ.. قد يكون بعضهم فسّره بزواج متأخر لقريبين جمعتهما أحلام متبادلة وإن كانت باتجاهات متباينة. ولعل بعضهم قرأه خطوبة طويلة الأمد بين خطيبين متنافرين يسعى كل منهما لكسر الجمود عند الآخر قبل التورط في علاقة مستقبلية راسخة.. أما الحالمون بجامعاتنا فقد استبشروا بأجندة خفية تحمل ملامح زواج مسيار قادم لا يرزح به طرف تحت تبعية الآخر وإن التقوا بين وقت وآخر تحت مظلة واحدة. الحقيقة أيها السادة الأفاضل أن تلك الزواجات الثلاثة لم تخطر على بالي على الإطلاق، فقد كنت أعوّل شخصياً على انفرادية بالعلاقة لكل وزارة منهما على أن تستضيف وزارة التعليم العالي لقباً جديداً مع مسماها السابق وهو (البحث العلمي).. وأراني محقة بذاك الحلم الذي قد يشفع لي بتبنيه قراءاتي المتعمقة على مدى سنتين للكم الهائل من الأبحاث المتحايلة التي وضعناها في وسم سرقوني ب«تويتر»، فهي تشير بشكل أو بآخر إلى وجود خلل واضح في المهارات البحثية عند بعض هيئة التدريس في جامعاتنا.. وشيء من الاعتمادية المطلقة على «البودي جارد» في صناعة الأبحاث عند بعضهم الآخر.. وغياب للمتابعة والعقوبات وربما الضمائر عند بعض الجهات المسؤولة في جامعاتنا.. فكيف لمثل تلك الجهات التي غزتها المحسوبيات ونهشت بمعقل معرفتها التحايلات العلمية أن تستقل أو تدفع بغيرها من الوزارات للتقدم؟ كيف يمكن لجهات علمية وطّنت بعض من أساءوا للعلم ممن كشفنا تحايلاتهم العلمية ضمن قياداتها (رغم علم الجميع بفسادهم)، وتغاضت عمن أفسدوا سمعتها العلمية بشراء أبحاث معدة مسبقا أو مسروقة أو حتى منشورة في مجلات مزيفة وهمية أن نستأمنها على كيان كامل كجامعاتنا؟ بعضهم يتأمل أن تكون جامعاتنا انسلاخاً توأمياً مماثلاً لجامعات غربية مستقلة بذاتها، وعلى الرغم من جماليات هذا التأمل الذي أشاركهم فيه، إلا أنني لا أستشعر على الإطلاق في ردود أفعال جامعاتنا (الباردة أحياناً، والميتة أحياناً أخرى) تجاه ما يكشف من تحايلات بها ما يمكن أن يدفع بي للتفاؤل ولو قليلاً بإمكانية نجاح استقلالية هذه الجامعات، وأخشى حقيقة أن تصبح تلك الجامعات المهزومة أمام مفسديها أوكاراً ومعقلاً لتبني الفساد العلمي لو استقلت بذاتها، فهل فعلاً جامعاتنا بثوبها الهزيل الحالي جديرة بالاستقلالية!!