قال رئيس الوزراء التونسي المكلف الحبيب الصيد، أمس في جلسة لنيل ثقة البرلمان، إن التصدي لتهديدات المتشددين الإسلاميين ودعم قدرات الجيش والأمن ستكون من أولوياته سعياً لحماية الديمقراطية الناشئة في تونس مع تزايد الاضطرابات في المنطقة. ويوم الإثنين أعلن الصيد تشكيل حكومة ائتلافية تضم حركة نداء تونس وخصمها الرئيس حركة النهضة الإسلامية وأحزاباً أخرى، في خطوة قد تدعم الاستقرار في البلاد. وقال الصيد أمام البرلمان «بسط الأمن والاستقرار سيكون من أولوياتنا.. ومكافحة الإرهاب شرط ضروري لحماية المسار الانتقالي بالنظر لما تتسم به الأوضاع الإقليمية من اضطرابات». وأضاف أنه سيتم «تعزيز الإجراءات للتصدي لمظاهر الغلو والتطرف والارتقاء بقدرات الأمن وتمكينه من الآليات للردع والتحرك السريع.. وتكثيف التعاون مع دول الجوار لمكافحة الإرهاب». ومع ظهور هذه الجماعات أصبحت تونس من أبرز المصدرين للمقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى «داعش» والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تقاتل في العراق وسوريا. وبينما تحاول تونس السيطرة على الجماعات المتشددة فإن نفوذ هذه الجماعات زاد في ليبيا المضطربة وسوريا، حيث تقاتل جماعات إسلامية من بينها تنظيم «داعش» ضد قوات الرئيس بشار الأسد. والاتفاق على حكومة ائتلافية خطوة من شأنها أن تحافظ على استقرار الانتقال الديمقراطي الهادئ في تونس مهد انتفاضات «الربيع العربي»، ووعد الصيد في كلمته أمام البرلمان بقرارات مهمة من بينها إصلاحات اقتصادية عاجلة، وترشيد الدعم وتعديل منظومة الجباية (نظام الضرائب) وإصلاح بنكي، إضافة إلى خفض الإنفاق العمومي. وأضاف أنه يتعين أيضاً إصلاح منظومة التقاعد ومراجعة قانون الاستثمار الذي تراجع بحوالي 32% في 2014 مقارنة بعام 2010. وعقب كلمة رئيس الوزراء المكلف افتُتحت جلسة للنقاش لنواب البرلمان قبل التصويت على منح الثقة للحكومة في وقت لاحق. وتحتاج الحكومة إلى نيل الثقة لأصوات 109 نواب من مجموع 217 نائباً. من جهته، أكد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أن التونسيين غير قادرين على مواجهة مشكلة الإرهاب بمفردهم، منوهاً بالتعاون في هذا المجال مع الجزائر التي وصل إليها أمس كأول زيارة له خارج تونس منذ انتخابه. وصرّح السبسي في حوار مع صحيفة «الوطن» باللغة الفرنسية نُشر أمس بأن «التونسيين لم يعرفوا الإرهاب في السابق، وأعتقد أنهم غير قادرين على حل هذا المشكل بفعالية بمفردهم لأننا لم نكن مستعدين لذلك». وبحسبه، فإن التونسيين الذين واجهوا المجموعات الجهادية بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي في 2011 «أصبحوا الآن أكثر استعداداً ويحققون نتائج أفضل». وتابع «لكن القضاء على الإرهاب لا يمكن أن يتم بشكل آني، وبهذا الخصوص لدينا تعاون جيد مع الجزائر التي كانت هي نفسها ضحية للإرهاب». وأضاف «لدينا تعاون (لمراقبة) الحدود بين البلدين. والجزائر لديها تجربة في مجال مكافحة إرهاب الجماعات المتشددة. مصيرنا مرتبط». وأكد الرئيس التونسي أنه لا يريد أن يكون حزبه حركة نداء تونس حليفاً لحركة النهضة، داعياً إلى التعامل معها بطريقة حضارية. وقال السبسي «الإسلاميون الجدد في تونس حاولوا الابتعاد عن القراءة التونسية للإسلام، وحاولوا إدخال الشريعة في الدستور. وأضاف «أنا بنفسي قلت في قمة مجموعة الثماني إن النهضة حزب ديني لكنه ليس ضد الديمقراطية، ولكن هذا لم يكن صحيحاً. لقد ألقيت خطاباً واعتذرت للشعب، قلت إنني آسف. أنا لم أرَهم في الميدان، ولكن يجب أن أقول الآن إنهم ابتعدوا عن هذا الطريق وغيّروا الإطار، هم الآن يقولون نحن تونسيون وديننا هو الإسلام في تونس، يريدون المشاركة في الحكومة، هم يقولون إنهم مثل بقية الأحزاب لماذا تقصوننا في حين أن الشعب أعطانا 69 مقعداً في المجلس، في حين أنتم الذين فزتم بالانتخابات لا تتقدمون علينا إلا ب20 مقعداً».