يسعى البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية «بارع»، إلى رفع عدد الحرفيين في السعودية وجودة أعمالهم لتعزيز فرصهم في تكوين مشاريعهم الخاصة، في ظل الطلب المتنامي على الحرف اليدوية محلياً وعالمياً. وينظم «بارع» بشكل مستمر دورات تدريبية للجنسين في نحو 44 حرفة بجميع مناطق السعودية. وفي ركن المشروع الوطني للصناعات والحرف اليدوية «بارع» بجادة عكاظ، يجلس المسن محمد الصعنوني على حرفته المتمثلة في صناعة ورسم الأبواب الخشبية القديمة، بينما يحيط به زوار سوق عكاظ من جميع الجهات مبهورين بما يعمل. وقال الصعنوني -من حرفي القصيم ويتقن تصميم مجسمات الأبواب التاريخية- إن المعلمات والطالبات والمدارس بصورة عامة من أكثر زبائنه، خاصة فيما يتعلق بالأبواب الخشبية القديمة والصغيرة منها، مشيراً إلى أنه امتهن حرفة صنع الأبواب القديمة منذ 34 عاماً، وأنه يقوم على صناعة الأبواب الخشبية القديمة وترميمها وتجديد بعضها. وذكر أنه يعمل في جادة عكاظ على الانتهاء من باب خشبي رسم عليه مجسم «الكرة الغربية» أو متداخلة الألوان، مشيراً إلى أن هذه الألوان التي يستخدمها لا يمكن أن تزول، فهي ثابتة على هذه الأبواب، مبيناً أن جادة عكاظ مكان يجمع التراث للحفاظ على هويته وعدم اندثاره، وأضاف أن كبار السن يقفون عليه ويتذكرون كل ما هو قديم ويعيدون ذكريات الماضي، بينما النساء تستهويهن الأبواب القديمة وكل ما هو تراثي. وبيَّن أن الشباب ينبغي أن يعتمد على حرفة يستطيع العيش منها، ذاكراً أنه درّب اثنين من أبنائه على هذه الحرفة والصناعة، وقال إنه يعمل في منجرة خاصة به ولا يجد دعماً من أي جهة سوى المشاركات التي نشارك بها في الجنادرية وسوق عكاظ الآن تحت إشراف الهيئة العليا للسياحة والمشروع الوطني للصناعات والحرف اليدوية «بارع». وقال «لا تزال الأبواب القديمة مطلوبة وتستخدم وإن لم توجد منازل من الطين أو منازل شعبية قديمة»، مضيفاً أن العامة ممن يقتنون التراث أصبحوا يستخدمونه كتحف وتراث وأشكال للديكور يزينون بها منازلهم ومكاتبهم ومدارسهم. من الصورة الجميلة في جادة عكاظ موقع الحرفية محسنة السفياني التي تجلس مع بناتها وأحفادها لعرض حرفتهم العائلية التي تجمع الأجيال الثلاثة –الجدة والبنت والحفيدة-، وتقول السفياني إنها تأتي للسوق مع بعض بناتها وبأحفادها وحفيداتها ليشاركوا معها في عرض حرفها ومنتجاتها، بل وتجعلهم يقومون بالترحيب بالزوار وشرح المنتج الحرفي الذي يرتدونه أو يعرضونه. وقالت إن أحفادها فهموا معها أساسيات عملها وكيفية عمل بعض الحرف من خلال معايشتهم لها ومشاهدتهم لما تقوم به، وأكدت على أنه من الواجب أن نعلم أبناءنا وأحفادنا هذه المهن التي هي أمان في اليد من الفقر، قائلة «عن طريق هؤلاء الأبناء والأحفاد نحافظ على تراثنا وحضارة هذا التراث وقيمته من الضياع» . أما المصممة نادية باماقوس، فقالت إنها جاءت بابنتها معها لتساعدها في مهنتها، وأنها تقوم على تعليمها هذه المهنة التي ستعود عليها فيما بعد بالنفع، مشيرة إلى أن ابنتها تعرض لزوار الجادة أثناء انشغال والدتها وتبيع للزبائن وكأنها صاحبة المنتج.