بشخصية رزينة متزنة وببساطة رفيعة وإحاطة مهنية مرتفعة، و«كاريزما» حفظت جوهر التوجه، وطموحات التوجهات، سار في درب أبيض تسبقه ثناءات زملائه وموظفيه، وتعقبه إشادات المختلفين معه. وعلى غير العادة ترجل رئيس تحرير «الوطن» السابق طلال آل الشيخ من المقعد الأسخن في الصحف السعودية باستقالة حملت في طياتها الأثر والتأثر والإيثار، وعلى غير أسلافه من رؤساء التحرير، خرج آل الشيخ برسالة حملت منهجا جميلا متجملا بنقاء الدافع ونقاوة النتيجة باستقالة عابقة بالشكر للزملاء سامقة بالولاء للمهنة والاحتفاء بالمرحلة. وسيظل آل الشيح متوشحا باعتداله، الذي يراه سرا من أسرار نجاحه، رغم شدته وتشدده ضد كل رأي عقيم، أو توجه سقيم، سواء في مسيرة الصحافة السعودية التي نهل منها فنون العمل وسكنته شابا، وسكن إليها في مناصب عدة، كان فيها ابنا بارا وقائدا مستبشرا بالتطوير أو في الرياضة السعودية التي لا يزال فيها على قائمة الأوفياء وأصحاب القرار ومالكي سلطة النقد الهادف. يطل طلال ب «كاريزمته» الهادئة الودودة الدائمة، سواء في التوافق أو الاختلاف، في ميادين الرأي والكلمة أو أمام شاشات الرياضة أو الملاعب، فيضع الجميع أمام معادلة معتدلة وموضوعية ضاربة في الاتزان المهني والإتقان العملي. صعد آل الشيخ سلم العمل من البدايات في عدة صحف محررا وكاتبا ومسؤولا وتشرب العمل الصحفي من قعر البداية الطموحة، وتسلح بالدافعية التي تسكنه حتى تولى مناصب عدة في «الحياة» اللندنية التي دائماً ما ينسب إليها الفضل في فصول عمله وحياته المهنية، وتولى فيها منصب نائب رئيس التحرير المساعد في السعودية، ثم اختير للمنصب الأهم في حياته وهو رئاسة تحرير «الوطن» التي خطط فيها وسار بها في خط تحريري متميز وخاص، اعتمد على منهجية احترافية في التعاطي والعطاء الصحافي بالمعلومة والمصداقية والطرح الهادف، ونقلها إلى منظومة متطورة في الطبعات والملاحق المتخصصة، ولغة الانفراد اليومي، وأسس فيها جيلا متجددا من القيادات الشابة، وكان طيلة عمله وسيرته مثالا حيا للعمل الدؤوب والمهنية النموذجية والزمالة الحقة، التي كانت إرثا يتركه خلفه في كل الأماكن التي ارتبط اسمه بها. آل الشيخ ناقد رياضي مميز من جيل الكبار وله إبداعاته ورؤاه التي أسهمت في تطوير عدة ملفات وتولى أيضاً عضو مجلس إدارة ورئيس لجنة المنتخبات بالاتحاد السعودي لكرة القدم، وتشهد ملفات الاتحاد بنجاحاته وعطاءاته التي لا تزال أصداؤها تتردد في أروقة الاتحاد وفي مخططات مستقبله وعضو اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم للأندية بالفيفا، ويمتلك أيضا سيرة إدارية رياضية مميزة سبر أغوارها مسؤولا رياضيا عندما كان نائبا ثم رئيسا لنادي الشباب ما بين أعوام 1424-1426ه وقاد النادي إلى مرحلة تطوير وإنجاز حقيقية مع أعضاء الشرف، وهو كاتب رأي مميز له أطروحاته ولغته الخاصة وطرحه المنفرد في القضايا الوطنية والخدمية والرياضية. خرج آل الشيخ من بوابة «الوطن» تاركا روحا من الإنسانية بين زملائه، مخلفا إرثا مهنيا سيتقاسمه زملاؤه الذين تعلموا منه طموح الشباب وانعكاس المرحلة وتغليب الموضوعية ووأد الإثارة وتوديع المؤجلات، وتوظيف مبدأ الفريق الواحد وتنويع مصادر التطوير وبث الألفة كشعار والتعاون كسر نجاح والمسؤولية كغنيمة مستحقة للمبدعين. خرج آل الشيخ مخلفا مساحة مهنية متميزة بخلقه وعمله وعيناه تتجهان نحو أفق إعلامي مشع يرسو فيه نحو محطة جديدة سيخوض فيها غمار تفاصيلها بفكر متقد وعزيمة صنعتها سيرة بيضاء، ومسيرة عصماء رسمها، واضعا أمام دوافعه وطموحه طريقا جديدا ونهجا مديدا نحو الأميز ليضيف إلى رصيده مهمة جديدة ومسؤولية متجددة في درب نجاح جديد.