يصنع عاشق النخلة الحاج محمد آل عريف 70 عاماً ، كفيف من أهالي محافظة القطيف ، ما يبهر عيون المبصرين، حيث يقضي وقت فراغه منذ أكثر من أربعين عاماً في حياكة سجادة الليف التي تستخدم ك “دوَّاسة” أمام أبواب غرف المنازل، وذلك منذ أن تعلَّم هذه الحرفة على يد أحد معلمي المكفوفين في ريعان شبابه. ويتحدث آل عريف عن هذه المهنة ويقول: ” تقوم هذه المهنة على الحبال الجاهزة المصنوعة من ليف النخيل و على الليف كمادة خام ، حيث توضع الحبال في قالب خشبي صغير لايتعدى ارتفاعه المتر والنصف وبعرض 75 سم ، ويتم حياكة السجادة يدوياً بطريقة متداخلة تجمع ما بين الحياكة وحرفة النسيج . ولايدري الحاج آل عريف ما إذا كان هناك من يمتهن هذه الحرفة التراثية في المنطقة حتى الآن أم لا، ولكنه يؤكِّد أنَّ الطلب على سجادة الليف التي يبلغ ثمنها سبعين ريالاً كبير جداً، وبأنه يقوم ببيع كل ما تحيكه أنامله، بل و لا يستطيع أحياناً تلبية طلبات الزبائن الذين يترددون عليه بشكل متكرر رغم أنه لا يمتلك دكاناً يزاول حرفته فيه. ويعلم آل عريف بأنه حرفي بارع يتقن مهنته ، ويستطيع إيقاف المبصرين الذين يتأملون دقة ما تصنعه أنامله ، فهو يجد متعة في تعريف الآخرين بطبيعة حرفته وحبه لها ، مبيناً سعيه بتشجيع الشباب على حب العمل وزرع روح المثابرة في نفوسهم، خاصة من يواجهون بعض التحديات التي يعتقدون أنها تمنعهم من العمل وتعيقهم من كسب لقمة العيش. ويبين آل عريف مدى علاقته بالنخلة و حبه للعمل ويوضِّح: ” منذ صغري وأنا أحب الذهاب لبساتين النخيل ، فأنا فلاح ماهر ، وكثيراً ما اعتمدت على نفسي في الذهاب والعودة من مكان عملي في أحد البساتين ، رغم ضعف بصري في تلك الفترة ، وحتى بعد أن فقدت نعمة البصر كاملة لم أعتمد على الآخرين نهائياً ، فأنا أرى بقلبي ما ترون”. مشيراً إلى أنَّه أب لسبعة أبناء وثلاث بنات، وقد فقد بصره تماماً في العقد الثاني من عمره ، إلا أنَّه يرفض أن يقال عنه معاق ، فيرى أنَّ المعاق هو من لديه قدرة على العمل، ومع ذلك لايبادر ولا يفعل.