في الأول من أكتوبر عام 2012 إبان التفاقم الكبير لقضية الفيلم المسيء للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم وما تبعها من أحداث في ميترو نيويورك وموقف الصحافية منى الطحاوي وردود الفعل بتفجيرات في ليبيا ومصر وكل الأحداث التي تذكرونها جيداً، شاركت في ندوة عن التحريض على العنف في أمريكا مع نخبة من المتحدثين، وكان الحديث وقتها يدور حول آليات التعبير وطرقها ونتائجها وخلافه. في خضم الحديث تشعب النقاش لأمور عدة كان وضع الأقليات الإسلامية في أوروبا وفي فرنسا بالتحديد على رأس قائمتها وسط جو يناقش حرية التعبير من جهة وضمان فعاليتها من جهة أخرى. دار النقاش عن دور الحوار في فرنسا في مجابهة قضية منع النقاب وتناقضه مع الحرية المزعومة و دور المنظمات الحقوقية في التوعية تجاهه والتقدم الملحوظ ولو برتم بطيء والتوقعات بإثمار هذا الأمر في المستقبل القريب. ما حدث في وسط العاصمة باريس من رد دموي عنيف لمقر صحيفة تشارلي ايبدو أعاد على ما يبدو القضية وغيرها من قضايا الأقليات الإسلامية هناك لنقطة الصفر المكعب. الغريب في الأمر أنه ورغم تكرار الأحداث واختلافها لايزال هناك من يرى الحدّية والعنف والتخريب حلاً ناجعاً لقضايا التعبير ومشكلاته العالمية، ولو عدنا لما حدث في 2012 ومنتج الفيلم المسيء وما حدث بعدها من عودته للحق وإشهار إسلامه وزيارته للحرم الشريف نتيجة للحوار والإقناع والقراءة والتنوير وفرحة كل من ضايقه الأمر وقتها به وبمآله، لعرفنا وعرف المتطرفون أن سلاح العنف لم يكن يوماً ناجحاً في إيصال صوت حق، مهما بلغت قوته ومهما خلّفت آثاره من دمار. إلا أن السؤال الكبير لا يزال مطروحاً حول حدود حرية التعبير وكيفية المواءمة بينها وبين احترام الأديان والتنوع الثقافي.