هل بالفعل نسبة الحوادث المرورية ترتفع بين «فئة الشباب» أيام الاختبارات؟ سؤال جدير بالإجابة عنه سيما وأن إدارات المرور وعلى مستوى كافة مدن ومناطق المملكة تكثف جهودها من أجل ضبط الحركة المرورية خصوصاً في الميادين القريبة من المجمعات المدرسية للبنين والبنات، يقفز سؤال آخر إلى السطح هل للتوتر النفسي سبب في ذلك؟ إذا كان كذلك فإن المتسببين بعضهم ليسوا من المنتظمين في الدراسة بمعنى أنهم يجيئون بمحض إرادتهم إلى المدارس، إذن تتشظَّى المسببات فهناك ما هو متعلق بالطالب نفسه بسب التوتر والإرهاق وقلة ساعات النوم، ومنها ما ينجم عن آخرين كانوا على مقاعد الدراسة ولربما فشلوا في دراستهم وكنوع من ردة الفعل السلبية بمحاولة التأثير في الطلاب المنتظمين، وحين ندقق في نسبة الحوادث المرورية على مستوى السعودية نلحظ أن عدد الحوادث وصلت إلى أكثر من 300 ألف حادث سنوياً، أي بنسبة 67 حادثاً في الساعة، مكلفة الدولة خسائر مادية وبشرية فادحة تصل إلى 13 بليون ريال سنوياً، فضلاً عن إشغال 30% من أسِّرة المستشفيات بالذين تعرضوا إلى إصابات من جراء الحوادث المرورية القاتلة، ويؤكد الدكتور مازن خياط عضو مجلس الشورى بأن السعودية من أكثر دول العالم من حيث الخسائر البشرية فهي تسجل 7000 ضحية بواقع 21 حالة وفاة يومياً، خلاف الذين يتعرضون للإعاقة الجسدية والعقلية بمعدل 2000 معاق سنوياً، والمحزن أن الشباب بين 15و40 سنة هم من يستحوذ على النسبة الأعلى، وبحسب تصريح العميد الدكتور على الرشيدي الناطق الإعلامي للإدارة العامة للمرور أن معظم الحوادث المرورية كانت نتيجة السرعة الزائدة بنسبة 24.6% أما تجاوز الإشارة فقد استحوذت على 21.4% ومعظم الوفيات تحدث في الطرق الخارجية بنسبة 60% والشباب هم من يسجل النسبة الأكبر 72%. وهذه النسب المرتفعة تعطينا دلائل بأننا نعيش أزمة حوادث مرورية، كما تفضي بنا إلى تفسير لربما يكون صحيحاً، فنحن لا ينفع معنا النصح والتوجيه والإرشاد والتحذير والعقاب، ولو أن تلك الأساليب أدّت إلى جدوى نافعة لما تفاقمت نسبة الحوادث عاماً بعد عام، بل إن أرقام ضحايا الحوادث المرورية تفوق ضحايا أشرس الحروب، لنصل إلى قناعة بأن الحوادث أكثر خطورة من الحروب ذاتها ومع الأسف نحن بمحض إرادتنا نختار هذه الحرب اللعينة ضد أجسامنا وأرواحنا وممتلكاتنا، فكانت النتيجة الحزينة الضحايا والمعاقين والخسائر البشرية والمالية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية و..و..، لنصل إلى أسئلة ربما تقفز من خارج الأقواس هل هناك أساليب لم تظهر كبدائل مناسبة لعلاج هذه المشكلة التي تؤرق كل الأسر السعودية؟ وهل نستطيع بالبدائل المقترحة أن نخفف من نزيف الدم المراق على صفحة الإسفلت؟ الذي أعرفه أن هناك كثيراً من المحاضرات تُلقى في أحضان الجامعات والمدارس بكافة المراحل، ولم تُجدِ نفعاً، وأعرف أن وسائل الإعلام بكل أنواعها تشارك في التنبيه والتحذير بعرض الصور المؤلمة التي تبين بشاعة الحوادث وما تؤول إليه من ضحايا ومعاقين. إذن ما الحل؟ هل ساهر قدَّم الخدمة المبتغاة من وجوده؟ أم أنه ركَّز على التحصيل المالي ومضاعفة قيمة المخالفات وبذا يحتاج هو الآخر إلى تعديل، هل الطرق هي السبب أم المركبة أم السائق ذاته؟ هل درجة الوعي لدينا ضعيفة بحيث لا نستوعب الدروس والعبر؟ ولمّا كنّا غير قادرين على ضبط أنفسنا فيمكن أن نلجأ إلى حلول لعلها تكون مناسبة وهي الاتفاق مع الشركات المصنعة بحيث لا تزيد السرعة عن 100 كيلو في الساعة خارج المدن أما في الداخل فيكون أقل من هذا الرقم بكثير، ونحتاج إلى حرمان السائق من رخصة القيادة الذي يكون سبباً مباشراً في 3 حوادث في العام، وكذا نحتاج إلى دراسة المواقع التي تكثر فيها الحوادث فلربما المنعطفات أو الانحدارات أو ضيق الطريق أو كونه منفرداً، نحن بالفعل إزاء حرب شرسة إما بالتغلب على كل المسببات، أو الرضوخ لها ونُقّدم كل عام ما يزيد عن 7 آلاف ضحية، وهي الخسارة الكبرى والألم الذي يتشظَّى بين الضلوع. ومضة: هل الحوادثُ المرورية تَعُضُّ أم تَعِظ ؟ يبدو أنها تَعُض بأسنانِها وضروسِها الشرسة والمميتة.