قالوا: الغربة الحقيقية أنْ يمرَّ يوم لا ترى فيه وجه أمك. وها قد مضى عام وحلّ عام ولم أرَ فيه وجه أمي، فيا لقلب يرتشف من مرايا ذكراك سلوى، ويتوكأ على ترانيمك ليعبر طرقات الوقت وينتحل صوتك ليبلسم داء البعد، فتتبدد وحشة غربتي. ما زال نبضُك في دمي حرَّاًَ.. يرسم عمري قوس مطر، يُهديني مسافاتِ الوقتِ، يُشبِعني لثماً، يَمنحُني عِطراً، ويُنبت في راحَتَي الزّهر. *** ما زال نبضُك في دمِي.. يُبلسِم ندوبَ الأيَّامِ، ويحمي من الغدرِ خاصرتي، و يَرتِقُ مُزُقَ الحوادث ِ و يُلهمني الّصبر. *** ما زال نبضُك في دمي.. بهجةَ الأطفالِ صباحَ العيدِ، رفيفَ فراشاتِ الربيعِ، انحناء السنابلِ نحو الغمار، وترنيمة نجمة، على ضِفتَي الّقمر. *** ما زال نبضُك في دمي.. وعيناكِ الحبيبتان ترمُقانِي عطفاً، تحضُناني وداً فيذهب عن خاطري الكدر.