كشف ما عرف بالربيع العربي عن خلل جسيم في بعض أنظمة الحكم العربية تجلى بوضوح في اليمن وسوريا. وهذا الخلل يتضح من المعالجة الهوجاء للتظاهرات الشعبية الضخمة والشاملة التي طالبت برحيل رأسي النظامين، رغم مزاعمهما بأنهما جاءا للسلطة عبر انتخابات شرعية أشارت إلى حصول كل منهما على نسبة أصوات عالية جدا وغير منطقية وقت إعلانها. فبرغم الإجماع الشعبي في البلدين على رحيلهما فإنهما أصرا وبمنتهى الصلف على التمسك بالسلطة مستخدمين قوة بوليسية ضخمة لكبح جماح المتظاهرين، وكأنهما بذلك يقولان للشعبين إما أن نحكمكم أو فإن قتلكم هو السبيل لبقائنا في السلطة! منطق عجيب وغريب وأهوج مارسه النظامان بكل غرور ووحشية. وفي الحالة اليمنية وفّق الله دول الخليج وعبر المبادرة المعروفة بتسهيل خروج آمن لرأس النظام بعد مناورات يائسة منه. أما الحالة السورية فقد دخل على خطها النظامان الروسي والصيني ويد إيران الخفية لإفشال الجهود الخليجية والدولية بما تسبب في استمرار نزيف الدم السوري البريء، وإطالة أمد الصراع الذي يدفع السوريون دمهم الطاهرثمنا له في حين يستمر تجاهل المجتمع الدولي للدماء التي تنزف وبغزارة نتيجة استمرار المذابح بمايهدد بإطالة الصراع على السلطة والناتج عن تمسك رأس النظام السوري غير آبه بالدماء الزكية والبريئة للضحايا. مطلوب من الجامعة العربية في حال الفشل في رحيل النظام الاتجاه للجمعية العمومية للأمم المتحدة حيث لايوجد فيتو روسيا والصين لإدانة النظام وإرغامه على الرحيل والاستجابة للمطالب الشعبية بإصلاحات سياسية واسعة النطاق. ومطلوب من الأنظمة العربية الأخرى المشابهة للنظامين السوري واليمني، والتي جاءت للسلطة عبر إنقلابات عسكرية كان شعارها فيما مضى القضية الفلسطينية والمقاومة أن تستيقظ من سباتها العميق وتستجيب لمطالب شعوبها قبل أن يجرفها مد الربيع العربي الكاسح.