ما الذي يجعل النقد أمراً مقبولاً؟ ما الذي يقوي قدرة الإنسان على تحمل الصراحة دون أن يأخذ الأمور بشكل شخصي؟ في العمل أعتقد أن حب الإنسان لما يقوم به ورغبته في تحقيق الأفضل، يجعله مرناً في تقبل رأي الآخرين، لأنه يبحث عن خروج عمله بالصورة التي يريدها. وفي الحياة فإن رضا الإنسان عن نفسه يجعل صدره رحباً لسماع نقد من حوله. لكن يظل الإنسان بضعفه البشري يتأثر وقد يصيبه الإحباط أحياناً حتى لو كانت ثقته عالية بنفسه. لهذا من الجميل أن يذكّر الإنسان نفسه عند سماعه كلمة نقد لاذعة بالهدوء، لأن تقبله استفزاز الطرف الآخر سيثبت صحة ما يقول. كما أن أخذ نفس عميق يعطي مساحة من التفكير في معنى ما قيل وتحليله وربطه بالحقيقة الذاتية، التي لن يقدرها سوى الإنسان نفسه. النقد عبارة عن التركيز في بعض الأخطاء والعيوب وصياغتها بشكلين: إما بطريقة استفزازية وجارحة أو بطريقة مقنعة قوية، ونحن مطالبون بتفهم كلتا الحالتين والتعامل معهما، وهذا يحتاج إلى تمرين، والتمارين هنا تأتي قبل سماع النقد وليس بعده، لأن تهيئة النفس لسماع مختلف الآراء تهيئ الشخص لوضع خطة دفاعية في عقله اللاواعي، لعدم المبالغة في ردود الفعل، مما قد يقلل من صورته. فمثلاً لو كان النقد بشكل عام يمكن أن تسأل الآخر عما يعنيه بالتحديد لئلا ترتكب حماقة في ردة فعلك؟ ولو كان خاصاً وحقيقياً فكّر وأخبر نفسك بمقاصد الآخر في إسداء النصح وليس مهاجمته، وربما احتجت للتفكير معه في بدائل مناسبة. فالهدف هنا ليس التبرير أو الاعتذار بل التعامل الصحيح مع النقد الموجه لك.