يحتاج أي مشروع Project مهما كان حجمه وأهميته إلى رسم خارطة توضح أين هو موقعك عند البدء، وما هو هدفك الذي ترمي إليه وكيف ومتى تصل إلى ذلك الهدف؟. بهذا نعرف التخطيط الاستراتيجي Strategic Planning الذي نهتم به لتركيز الجهود نحو الوصول للهدف بمنهجية تستخدم الإمكانيات المتاحة بأفضل صورة وبوقت قياسي، وبتوقع مسبق للمشكلات والأزمات وطرق التعامل معها بروية بعيداً عن العشوائية بالتعامل معها بردات الفعل والحلول المؤقتة التي تخلق مشكلات أخرى على المدى القريب والبعيد. ليس من العيب أن نقع بمشكلة، ولكن لا يصح أن نقع دائماً بنفس المشكلات ونواجهها بنفس الإمكانيات دون تطوير الأساليب للتعامل معها. من أمثلة ذلك التعامل مع الأمطار في فصل الشتاء وهو فصل قصير في بلادنا، فلم تقدم حلول عملية ملموسة لمواجهة السيول الناتجة عن التخطيط السيئ المسبق لتصريف المياه ومازالت تعالج بردات الفعل والحلول المؤقتة وكأن ما يحدث هو مفاجأة غير متوقعة. ونرى بوادر الأمل بالتطور ببعض المناطق التي وضعت خططاً للتعامل مع مشكلات الأمطار كما حصل بمنطقة الرياض بهذا العام على سبيل المثال حيث ركزت الجهود بتوجيهات من أمير المنطقة الأمير تركي بن عبدالله للتعامل المبكر معها وتكثيف الحضور المروري والدفاع المدني وتجهيز الإمكانيات للتعامل مع السيول وتصريفها قبل أن تتحوّل لكارثة. ولأن موضوع الأمطار قد أشبع نقاشاً فسنترك القوس لباريها لحل تلك المشكلة بالتخطيط الإستراتيجي ونتمنى ألا نعود لطرحه مجدداً. كتبعات لأزمة الأمطار نواجه مشكلة أخرى نتأمل من وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل أن يكون حلها من ضمن خططهم الإستراتيجية وهي التعامل مع مشكلات الطبيعة (الأمطار والغبار) دون أن تؤثر على المسار التربوي والتعليمي. فعلى الرغم من السعادة التي يحس بها أبناؤنا وبناتنا الطلبة وإخواننا وأخواتنا من منسوبي المدارس في وزارة التعليم عندما يصدر خبر الإجازة المدرسية وهو حل لتأمين سلامة الطلبة والكادر التعليمي والتخفيف من ازدحام الطرق لمنع الحوادث، إلا أنه صنع مشكلات أخرى نعيشها الآن من الاتكالية والكسل وضعف الانضباط وعدم الإحساس بالمسؤولية وترقب وفرح بالكارثة بنظرة قصيرة المدى، كما تتأثر العملية التعليمية بتأخير المناهج التي تعوض على حساب جودة المادة العلمية المقدمة. فلمَ لا توضع ضمن الخطط الإستراتيجية البدائل التعليمية والتربوية لتطوير النشء والكوادر التعليمية بأوقات الظروف الجوية السيئة التي تجبرهم على المكوث بمنازلهم بطرق فعَّالة وممتعة تعلمهم وتلزمهم بأساليب استخدام الوقت في أمور مفيدة أو بتوفير التعليم عن بعد عبر التليفزيون من قبل وزارة التعليم أو باستخدام الشبكة العنكبوتية. بالتخطيط الإستراتيجي نتوقع كثيراً من الأفكار الخلاقة للتعامل مع المشكلات المتوقعة من الكوارث الطبيعية والأزمات وتقديم الحلول لها والاستفادة من تجارب الآخرين ممن واجهوها بل ولتحويلها لمكاسب تخدم التطوير. دعنا لا نقف كثيراً على ما قد فات وعلينا أن نستعد لما هو آت، فإن بدأنا فلنكمل المسيرة وإلا فلنبدأ من اليوم ولنسأل أين نحن وماذا نرغب أن نكون وكيف ومتى سنصل للهدف الذي طمحنا له؟.