50 ألف جندي عراقي «وهمي» في 4 فرق عسكرية مقاتلة .. هل هو فساد بريء بغرض التربح والكسب؟ أم أن له أبعاداً سياسية؟ ما كشف عنه رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أمس الأول يطرح تساؤلاً آخر .. هل سيطرة تنظيم «داعش» على نصف العراق كان أحد نتائج الجيوش الوهمية التي بلغت تكلفة تسليحها مليارات الدولارت؟ وهل تنتهي المسألة عند هذا الحد ويتم القضاء على «داعش» وتعود الأمور إلى نصابها؟ أم أن هذا الفساد المتعمد يمهِّد لمرحلة جديدة من تاريخ العراق؟ من الواضح أن مرحلة نوري المالكي وما شهدته من أخطاء قد تؤدي إلى تقويض إصلاحات خلفه حيدر العبادي. العبادي ماضٍ في إصلاحات داخل المؤسستين العسكرية والأمنية، وقد أقصى عشرات القادة العسكريين والضباط الذين تسببوا في إخفاقات السلطات أمام تنظيم «داعش»، وهو يتحدث عن عراقٍ موحَّد لكل مواطنيه، إلا أنه بات من الواضح أن ما أسس له المالكي بالتعاون مع طهرانوواشنطن سيقوض كل هذه الجهود. بالتوازي مع ما يقوم به العبادي والمسؤولون الجدد في حكومته، فإن عقبتين أساسيتين تحول دون الوصول إلى إقامة جيش ودولة لكل العراقيين. العقبة الأولى: الحضور القوي للحرس الثوري الإيراني في العراق، وقد أكدت تقارير أن قائد فيلق القدس قاسم سليماني يشارك في معارك على الأراضي العراقية بل ويشرف على بعضها. أما العقبة الثانية فهي الدور الأمريكي الذي يمارسه سفير واشنطن في بغداد ستيوارت جونز، الذي حوَّل سفارته إلى ما يشبه مقراً لحكومة ظل في بغداد، وبات يتدخل في تفاصيل صغيرة مع قادة محليين حتى وصل إلى تشكيل جيش من العشائر السنية قوامه حوالي 100 ألف مقاتل، وعدت واشنطن بتسليحهم مباشرةً دون العودة إلى الحكومة المركزية. في ظل هذه الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يعاني منها العراق، واستمرار الحرب على «داعش» التي أريد لها أن تكون طويلة يبقى مستقبل هذا البلد مفتوحاً على كافة الاحتمالات.