اختتم مؤتمر إثبات الشهور القمرية بين علماء الشريعة والحساب الفلكي الذي نظمه المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي أعماله. وذكر المؤتمر في بيانه الختامي، أن المشاركين في المؤتمر اطلعوا على الأبحاث المقدمة واستمعوا إلى ملخصاتها، وما قُدم من عروض، وما حصل حولها من مناقشات. وأكدوا أن الأصل في ثبوت دخول الشهر القمري وخروجه هو الرؤية، سواء بالعين المجردة أو بالاستعانة بالمراصد والأجهزة الفلكية، فإن لم ير الهلال فتكمل العدة ثلاثين يوماً. وشددوا على أن الشريعة لا تمنع من الاستفادة من العلوم الحديثة، كالحساب الفلكي بمستجداته، وتقنيات الرصد المتقدمة، ونحوها، في مصالح الناس ومعاملاتهم، فالإسلام لا يتعارض مع العلم وحقائقه. وقالوا إذا ثبت دخول الشهر من جهة شرعية واعتمده ولي الأمر في الدولة الإسلامية فلا يجوز الخوض أو التشكيك فيه بعد صدوره، لأنه من المسائل الاجتهادية التي يرفع فيها الخلاف بحكم الحاكم. وقالوا إن ترائي الهلال واجب كفائي، لأنه مما لا يتم الواجب إلا به. يؤيد ذلك فعله وتقريره. وأشاروا في بيانهم الختامي إلى ضرورة أن تتوفر في الشاهد الشروط المعتبرة لقبول الشهادة، وأن تنتفي عنه موانعها، وأن يتم التثبَّت من حدَّة نظر الشاهد، وكيفية رؤيته للهلال حال الرؤية، ونحو ذلك مما ينفي الشك في شهادته. وبينوا أن الحساب الفلكي علم قائم بذاته، له أصوله وقواعده، وبعض نتائجه ينبغي مراعاتها، ومن ذلك معرفة وقت الاقتران، ومعرفة غياب القمر قبل غياب قرص الشمس أو بعده، وأن ارتفاع القمر في الأفق في الليلة التي تعقب اقترانه قد يكون بدرجة أقل أو بأكثر. وقالوا إنه من اللازم لقبول الشهادة برؤية الهلال ألا تكون الرؤية مستحيلة حسب حقائق العلم المسلمة القطعية حسب ما يصدر من المؤسسات الفلكية المعتمدة، وذلك في حالة عدم حدوث الاقتران، أو في حالة غروب القمر قبل غياب الشمس. وقالوا إن رؤية الهلال للأقليات الإسلامية في البلد الواحد في بعض المناطق والأقاليم تعد رؤية لبقيتهم عملا على توحيد صومهم وفطرهم. وبالنسبة للبلاد التي فيها أقليات إسلامية، ولا يمكنهم رؤية الهلال لسبب من الأسباب، فإن عليهم الأخذ برؤية أقرب بلدٍ إسلاميٍ، أو أقرب بلد فيه جالية إسلامية، صدر ثبوت الهلال فيه عمن يمثلها من المراكز الإسلامية ونحوها. وأشار المشاركون في المؤتمر إلى أن إثبات بدايات الشهور القمرية فيما يتعلق بالعبادات مسألة شرعية وهي من مسؤوليات علماء الشريعة المخولين من قبل جهات معتمدة أو ما في حكمها. وبينوا أن مسؤولية الفلكيين والجهات الفلكية تقديم الحسابات الفلكية الدقيقة بشأن ولادة القمر وموقع الهلال، وتقدير ظروف الرؤية لأي موقع على سطح الكرة الأرضية، وغيرها من المعلومات التي تساعد الجهات الشرعية المختصة في إصدار القرار الدقيق الصحيح. وحث المؤتمرون الحكومات الإسلامية على الاهتمام بوسائل الرؤية وتخصيص هيئات للترائي. وأوصي المؤتمر رابطة العالم الإسلامي بتكوين هيئة علمية من علماء الشريعة، وعلماء الفلك المتخصصين للنظر في جميع البحوث والدراسات في كلا المجالين، والتي قدمت في اللقاءات والندوات والمؤتمرات التي انعقدت لبحث هذا الشأن، وما صدر عن المجامع الفقهية وهيئات كبار العلماء ومجامع البحوث الإسلامية. وتكون الهيئة من مجامع الفقه في الدول الإسلامية وأجهزة الفتوى فيها، أو من يرشحونهم من أهل الاختصاص في مجالات العلم الشرعي وعلوم الفلك، ومن ثم يعرض ما تتوصل إليه وما صدر عن هذا المؤتمر على المجمع الفقهي في الرابطة.