هل المرأة مصنفة؟ سؤال نجده يطرح نفسه أمامنا عندما نقرأ لكاتب قدير أو أستاذ جامعي أو رجل دين ونُفاجأ برأي سلبي حول المرأة. و إن كنت لا أحبذ الولوج في مثل هذه الأمور لعدة أسباب ليس هناك مجال لمناقشتها الآن، إلا أننا نحتاج أحياناً لتوضيح أمور تغيب عن بعضهم خصوصاً وإن المرأة مرت بعصور مديدة من التهميش والإقصاء بل الإساءة في كثير من الأحيان. فمنذ بداية عصر الزراعة وبداية الحضارة المدنية الإنسانية، بدأ الرجل في انتقاص المرأة وبقيت على حالها لقرون كما يوضحه بيتر ستيرنز أستاذ التاريخ بجامعة هارفارد. فقد اقتصر دور المرأة في أمور محدودة برعاية الأطفال والاهتمام بالبيت بينما كان الرجل ينتج ويحصل على مردود مادي من نتاجه فعلا شأنه وأصبح هو المعيل لأسرته وزوجته بينما بقي عمل المرأة محصوراً في رعاية الأطفال وزوجها وهو عمل دون مردود مادي بالطبع. إن عدم التساوي في الأدوار والمردود صنع طبقية داخل الأسرة وأشعر الرجل بأنه هو الأعلى لأنه المعيل. الأمر الذي عالجه القرآن الكريم ووضع الأسس الصحيحة للتعامل في هذا الجانب، ولكن الواقع الممارس مع الأسف لا يخلو من خلل في تفسير كلمات الآيات الكريمة. كانت المرأة عندما تتزوج في أمريكا وبريطانيا تفقد ملكية نفسها فتصبح مع زوجها شخصاً واحداً وذلك بنظام coverture . فالزوج هو المتحكم في مالها ونفسها فلا يمكنها التصرف في مالها أو العمل إلا بإذن زوجها. واستمر ذلك إلى أن خرجت القوانين التي تعطي المرأة الحق في نفسها ومالها في منتصف القرن التاسع عشر. ولو نظرنا إلى جهات أخرى في العالم، نجد أن بعض المجتمعات مازالت إلى العصر الحاضر تنظر بدونية للمرأة بل تسيء إليها. فتقارير اليونيسف توضح ما تواجهه المرأة في بعض دول العالم النامية من تهميش وتفرقة عنصرية بسبب جنسهن. فالهند والصين ضربتا مثلين واضحين في ذلك، حيث كشفت الإحصاءات السكانية زيادة عدد الذكور على الإناث في السنوات الأخيرة. والسبب في تلك البلدان، ومثلها كثير، هو ارتفاع نسبة إجهاض الأجنة الإناث مما جعل اليونيسيف تعلن التحذيرات المتكررة في تقاريرها عن خطر تدني نسبة الإناث إلى الرجال بسبب إجهاض الأجنة الإناث. فإمكانية التعرف على نوع الجنين بواسطة الموجات فوق الصوتية سهّلت إجراء عمليات الإجهاض تلك. وهذا ما جعل الحكومة الهندية تحظر فحوصات تحديد نوع المولود منذ عام 1996 لمنع الأزواج من القيام بإجهاض الأجنة الإناث. لكن إجهاض البنات يستمر مع تقديم بعض الأطباء لهذه لخدمة بشكل غير شرعي بحثاً عن المقابل المالي. بينما كان السبب الرئيس لارتفاع نسبة الذكور في الصين هو قانون تحديد النسل في الصين وسياسة تنظيم الأسرة هناك التي أسهمت في اختلال التناسب بين الجنسين. فالأسرة تفضل الذكر على الأنثى طالما أن فرصتها تختصر في الإنجاب مرة واحدة. لذلك فعلماء الاجتماع في الصين يعلنون قلقهم تجاه حدوث أزمة زواج في الصين بحلول العام 2020 نظراً لتوقع فائض لا يقل عن 24 مليون عازب لن يستطيعوا العثور على زوجات. ونحن من الآن نقرأ عن إعلانات ل«الشراء الجماعي» للعرائس من الدول الفقيرة، حيث تزدهر أعمال بيع وشراء العرائس على الحدود الصينية. وقد حذّرت بعض الدراسات كالتي نشرتها دورية الجمعية الطبية الكندية عام 2012 من العواقب المجتمعية لهذا الارتفاع المتوقع في نسبة الذكور، وما سيترتب عليه من عدم تمكن قطاع عريض من الرجال من الزواج والإنجاب بسبب نقص عدد النساء. وبالفعل فقد شهدت الصين ارتفاع نسبة الذكور في الولادات لمدة تقرب من 30 عاماً وتستمر في الارتفاع منذ إحصاءات التعداد السكاني الوطنية الثالثة في عام 1982، فأصبحت واحدة من الدول الأكثر خطورة في العالم من حيث عدم توازن نسبة الجنس في الولادات.