تمشي في الزحام.. بحثا عن ذاتك التي أضعتها.. أو نسيتها عند أحدهم.. تختلط بك الملامح.. تمتلئ بها.. تتساقط الأقنعة أمامك تباعا.. ولا زلت تجس نبضك.. لتتأكد من بقائك على قيد الحياة. ولدنا في زخم الأحداث.. هكذا دون أن يتوقف العالم.. أو يحتفل بمجيئنا.. الجميع يعدو.. بل يسابق الزمن في الوصول إلى ضالة سرعان ما يتجه لغيرها متى وجدها.. بقينا مكبلين (دهرا).. ننفض عنا غبار آثار من سبقنا.. نلهو (نبضا) يجتازنا سريعا.. ثم نلقي بذواتنا في ذات الزخم الذي يزداد كل نظرة.. ذوات نألفها.. وأخرى لا تبدو غريبة عنا.. جميعها ننكرها.. ونحاول إزاحتها من طبقات الذاكرة الأمامية.. لئلا تستقر.. فتغير مجرى بوصلتنا.. وحينها لن يجدي اللحاق! مهام تكدست من ورائنا.. ومن أمامنا.. ومن أعلانا وأدنانا.. كثرت الحقائب التي نحملها فيها.. ننتظر أقرب مخرج من هذا الزحام.. وبعدها نفض الحقائب.. رفقاء زحامنا هم كذلك.. فئة آثرت قرارنا.. وأخرى تخلصت من حقائب كثيرة.. بإنجازها! نخفف وطأة سيرنا كلما أبصرنا مخرجا.. نحمد الله أن لسنا ممن طُلِب فغادر زحامنا.. نتشرب القلق لحظة اختلاس نظر لحقائبنا.. ونكمل المسير! لا زلنا نسير! هكذا نطمئن ذواتنا.. لم تكل أقدامنا بعد.. لم نشعر برغبتنا في الراحة.. ثم.. نفاجأ به أمامنا.. داع من الملكوت الأعلى.. يخرجنا من أقرب مخرج.. حيث لا زحام.. ولا حقائب.. ولا مهام تنجز.. نتلفت يمنة ويسرى.. ونتمنى لو كنا تلاميذ لأولئك الذين سلموا حقائبهم قبل أن يخرجوا من الزحام!