الإعلام عبارة عن فن مهم في كشف مكامن الخلل في أي عمل، ولكن مع الأسف الكثير من المسؤولين لا يعرفون حق المعرفة الدور المهم والبارز الذي يلعبه الإعلام، كما أنني لا أعرف سببا واضحا للفوبيا التي تعاني منها بعض القطاعات تجاه الإعلام وخاصة الإعلام المقروء. والحقيقة أن أكثر ما يعاني منه بعض المسؤولين هو الحساسية المفرطة من الاعتراف بالتقصير، بالرغم من أن هذا الأمر لا ينتقص من كفاءة المسؤول إن لم يزده احتراماً وثقة من المؤتمن عليهم، فالملاحظ أنهم يتحاشون الرد على استفسارات وأسئلة الإعلامي علما أن الطريقة المحببة لديهم هو أن يقوم ذلك المسؤول أو من ينوب عنه بصياغة الرد بنفسه وبالطريقة التي تناسبه والتي غالبا ما تكون إبرازا لأعماله فقط، أما بالنسبة لجانب القصور في وزارته أو إدارته فلن تجد له قولاً حول ذلك، كما أن البعض من المسؤولين يطالب الإعلامي بعدم ذكر اسمه والاختفاء تحت مسمى (مصدر مطلع) أو (مصدر مسؤول) وهذا سببه بكل تأكيد الخوف من أن يقع عليه عقاب من المسؤول عنه والأعلى منه، حيث يعتقد البعض منهم أن الإعلام هو لنشر السلبيات والتصيد بالماء العكر تجاه المسؤول، علما أن الإعلامي همه في المقام الأول هو عمل ذلك المسؤول وليس شخصه، ولكنه بطريقة «صرح مصدر مسؤول» أو «مطلع» يحاول كسب الإعلامي ومجاملته خوفا من أن يذكر أن المسؤول (الفلاني) رفض الحديث والتعليق حول الموضوع المثار! فلماذا كل هذه الفوبيا من الإعلام؟ وأين الشفافية والمصداقية لدى بعض المسؤولين؟ إن الشفافية والمصداقية في التعاطي مع وسائل الإعلام لم تعد مجرد مطلب أو أمنية، وإنما هي واجب نصت عليه أوامر القيادة الحكيمة في أكثر من مناسبة، حيث تنص التعليمات بالتعهد بإيصال المعلومات والتعاون مع الإعلام بكل وضوح، وسبق أن أصدر مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله (حفظه الله) قرارا يلزم الجميع بالتعهد بإيصال المعلومات والتعاون مع الإعلام بكل وضوح، ولكنني بكل صراحة وبكل أمانة أقول إن التطبيق بكل ذلك غير وارد من أغلب المسؤولين، بل نجد من بعضهم محاولات للهرب والتسويف وتضييع الوقت على الإعلامي باستخدام عبارات على شاكلة «اتصل بنا لاحقا» و»اكتب خطابا رسميا بذلك»، حتى أصبحت سمة مع أغلب المسؤولين. ولكن في الأخير ليعلم الجميع أن مهمة الإعلامي الحقيقية هي كشف وتبني قضايا الوطن والمواطن تبعاً لضخامة الأمانة التي يتحمل الإعلام أداءها، وكل إعلامي يعلم أن القلم أمانة ويجب أن يؤدي الأمانة على الوجه الأكمل. أما بالنسبة للمشقة والتعب الذي يعانيه ذلك الإعلامي فلن يعلم به إلّا من دخل ذلك المجال واحترق كشمعة ليضيء دروب الآخرين.