خلافات الكبار لا يمكن أن تتجاوز الحد المسموح به وتصل إلى مرحلة القطيعة التامة مع الشقيق والجار؛ الماء الزلال يعود إلى مجراه أسرع مما هو متوقع، وأصفى مما يريده الكارهون الذين يشعلون النار ويعبثون بالمجرى دون دراية بمتانة حبل الود الخليجي. الملك عبدالله هو الأب الكبير لهذا الخليج العربي، ولذلك يحترمه الجميع ويأخذون رأيه ومشورته حينما تشتد الخلافات وتتأزم داخل العائلة الخليجية الواحدة، ولأن هذا الأب شغوف بأبنائه وإخوته فلا يمكن أن يسمح باستمرار عتب الأشقاء أكثر من اللازم، وهذا ما تم ولله الحمد. عودة السفراء إلى قطر مفرحة للجميع لاشك، وكانت متوقعة من قبل الأسوياء الذين يعرفون أهلهم في هذا الخليج الرائع؛ لكنها في الوقت نفسه تعتبر كارثة كبرى على المتحفزين وبائعي المواقف الذين ظنوا أن مساحة الخلاف تجاوزت التاريخ والجغرافيا واللغة والثقافة ذات الجذور الممتدة. خلال الفترة الماضية رأينا كيف احتفل القميئون بهذا الخلاف العارض بين الخليجيين، وبدأوا يبشرون بزواله ونهاية قصته الناجحة وكأنهم كانوا ينتظرون هذه اللحظة على أحر من الجمر؛ شكراً لتلك اللحظة التي كشفت لنا كثيراً مما وراء الستارة!! بعودة السفراء يستطيع هذا الخليج أن يُعلم المتحفزين على فنائه دروساً جادة في كيفية التماسك وقت المشكلة، وفي كيفية عودة الأمور إلى طبيعتها بهدوء، ودون تلفيات تذكر، أو حاجة ضاغطة إلى ترميم.. أليس من سمات العائلة الواحدة السمو والتجاوز؟.. بالتأكيد. قطر تهمنا كثيراً، وإن اختلفنا معها أو اختلفت معنا فذلك شيء طبيعي جداً؛ أما غير الطبيعي فهو أن تكتشف مقدار هذا العداء في بعض النفوس التي تتربص بنا شراً دون أن نؤذيها.. شكراً لكم لقد ألقمتم النابحين من حولكم حجراً كبيراً وفي الوقت المناسب.. دائماً حبايب بإذن الله.