من يستمع إلى الموسيقى ويتفاعل مع المسرح ويحب الثقافة بشكل عام لا يفكر أبدا في الحزام الناسف، والقنبلة، وبالتأكيد فهو لن يظن يوماً أنه كائن مستهدف أو على ثغرة لا يمكن سدها.. توسيع نطاق التفكير يحتاج إلى أدوات وعوامل مساعدة على البقاء والإنجاز الإيجابي. المشكلة أن من ينظر إلى الحياة بعدمية وتهلكة لا تشغله أبداً قصيدة فاخرة، ولا تهيم به رنة وتر فتان، ولكنه يعيش بسرعة، ويقتل بسرعة، ويفكر بعد أن يجهز على ما حوله معتقداً أنه قام بواجبه كاملاً.. طبعاً واجب الهدم مع الأسف. الذين يقولون إن الفن بأنواعه يحارب الإرهاب، أو بالأحرى يشد الناس إلى الاسترخاء ويقلل شحنات الغضب؛ يؤكدون كذلك أن الحياة الخالية من الموسيقى والفرح هي حياة ناقصة بلا شك، وتدعو إلى الكآبة، وربما تودي بصاحبها في نهاية الأمر إلى ارتكاب حماقات عنف هو في غنى عنها. يقولون أيضاً إن تحريم جميع أنواع الفنون جريمة، وتحريم نصفها مسألة متعجلة جداً؛ أما التمييز بين صالحها ونافعها فهو الذي يؤدي إلى نتيجة مثالية تخدم الجميع، وقد تُصلح كثيرا مما أفسدته عصور التأزيم والغضب المجاني على قضايا تافهة لا ناقة لنا فيها ولا جمل. طبعاً لا يمكن استقدام فرقة موسيقية خاصة لمتطرفين عاشوا حياتهم كلها بهذه الصورة القاسية كي تعزف لهم مقطوعة أمل، ولا يمكن إقناعهم بالاستماع إلى أم كلثوم أو فيروز في مثل هذا الوقت المتأخر.. لكن المطلوب هو الاعتناء بالأجيال المقبلة، وتركها تعيش الحياة بتصالح وثقة أكبر؛ ربما تقللون بذلك نسبة المأساة التي نعيشها.