بعذوبة عيونها الباردة وشموخ نخيلها المكتسي بصلابة عروقه كأهلها، مدينة لا تشدو إلا فرحاً وتنسج من رمالها حباً. تفيض الأشواق والحنين لها، بأنامل مذاهبها الرقيقة تعزف ترانيم عشق تراقص بها الحواس، تغرقك في طيب عطرها النقي وتداعب بأغنية «عناقيد الحلو» مسامعنا، هي باب من أبواب السعادة ما أن فتحت يقتلك سحرها. هي تلك المتغلغلة بين الكلمات «هي الأحساء قبلتي القديمة والهوى الدائم». هي الأحساء التي قال خاتم الأنبياء الرسول (محمد صلى الله عليه وسلم)عن أهلها عندما زاروا المدينةالمنورة إنهم خير أهل المشرق، صفحات من الماس وثقها التاريخ بالمجد والشجاعة والوطنية، ومن ذهب إليها يجد أن الأحساء ناطحت شذرات الغيوم. عروس الشرق التي اعتادت كل صباح أن تقطف الزهور وعبر أجنحة الحمام تنثر عبيرها فوق خور الخفجي وجبال الجنوب ورياض القلوب والشمال الطروب، ومن المساء تغفو على حكايات مرتبطة بالأمن والأمان، في ليلة الإثنين باغتها هجوم للخفافيش المسمومة وخدشوا خدها بالجروح ليؤلموها وليرعبوا ليلها الهادئ بطلقات الحقد والبغض والإرهاب، أطلقوها لتسكن جسدها الطاهر ويختلط حلوها بشيء من المرارة، لتسقط دموعها وتمحو سعادتها في أشهر الله الحرم، فعلوا فعلتهم النكراء وهم يظنون أنهم قتلوها، أو أنهم نجحوا في قلب وتحويل ابتسامتها إلى نكد ونوح. أخطأ الجبناء في حساباتهم. كانوا يريدون إطفاء زينة فرحها لترتدي ثياب السواد، وأن ينغصوا راحتها بالعبث، معتقدين أنهم حققوا مرادهم أو أنهم كسبوا جولتهم، فعلوا جريمتهم وكانوا يمنون أنفسهم بالتأييد على جرمهم البشع والمخزي بمسمى غبي برئ منه الإسلام. لكن صوت الوطن كان أعلى منهم، والوحدة الوطنية أكدت لهم أنهم شواذ وخوارج ومجرمون، وجميع أبناء الوطن يتبرأون مما فعلوه. كلٌّ قالها بصوت واضح لا تلعثم فيه: هيهات أن تكونوا منا. هيهات أن نقر لكم بما فعلتم من جرم مدان يا شياطين الإنس، لن تفزعوا مدينتنا الشامخة وأهلها الطيبين، ولن تنالوا مبتغاكم، هاهم جنود الحق صقور الداخلية لقنوكم درسا في ظرف ساعات، لتكونوا ومن معكم كالجرذان تختبئون في مجاري الصرف، هاهم أهل الوطن ومملكة التوحيد يهبون من شمالها وجنوبها ومن غربها لشرقها، يحملون جثامين الشهداء المدنيين والعسكريين على الاكتاف، مرددين أن الأحساء خط أحمر، وخطر ممنوع الاقتراب منه، فهذه الأحساء كتب لها بالخط العريض أن تكون (مدينة الفرح).