محمد بن إبراهيم فايع صح عن الرسول صلوات ربي وسلامه عليه قوله عندما يرى هلال رمضان «اللهم أهله علينا بالأمن والأمان والسلامة والإسلام، والعافية المجللة، ورفع الأسقام، والعون على الصيام والصلاة، وقراءة القرآن، اللهم سلمنا لرمضان وسلمه لنا وتسلمه منا، حتى يخرج رمضان وقد غفرت لنا ورحمتنا وعفوت عنا»، إن رمضان شهر كله خير، شهر كله أمل، شهر كله تفاؤل، شهر كله رجاء، ففيه نفحات من فيض الله من الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وفيه قرب من المساجد لمن كان عنها بعيداً، وفيه قرب من القرآن الكريم لمن كان هاجراً له لا يقرأه، وفيه تواصل بعد طول انقطاع مع الأهل والأصدقاء والخلان، فكم من القلوب كان يحكمها التنافر ويسيطر عليها البغض والجفاء، لكنها اقتربت ولامست مشاعر بعضها وفتشت عن أماكن الحب لتداعبها بكلمة حب أو وفاء، فكان الصلح والتقارب، رمضان كله خير، لو فتشنا في كل ساعاته لعرفنا قدره، وأنه بحق «سيد الشهور والأيام»، ومن الظلم أن يضيع هباء بدون أن يستفيد المرء فيه، من عمل خير، أو فعل يقي النفس من شرورها، تأملوا معي نفحات الخير التي تظلل المؤمنين في هذا الشهر، فقليل منها ما ذكرته، ولكن عندما يتأمل أحدنا في أن هناك ليلة تسمى ليلة القدر تعدل ألف شهر، يعني ما يقارب 83 عاماً وأربعة أشهر، أي تساوي سنوات العمر كله، من حظي بها فقد فاز فوزاً عظيماً، فهنيئاً لمن وفق في هذه الليلة، ولو لساعة أو ساعتين يدعو فيها أو يقرأ القرآن الكريم، وتأملوا معي أن في كل ليلة من لياليه عتقاء من النار، يا الله ما ألطفك، وتأملوا أن أول الشهر رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، يا الله ما أوسع فضلك علينا، أرأيتم كم هو شهر كريم من رب رحيم، تتعدد فيه النفحات والبركات والخير العميم من رب السموات، أليس من ظلم الإنسان لنفسه أن يضيع كل هذا الفضل الكبير والخير العميم، ويفرط في حق نفسه؟ حتى إذا ما رحل رمضان قال «ردوه.. تكفون ردوه»، ولكن هيهات ثم هيهات «إنا لنفرح بالأيام نقطعها .. وكل يوم مضى يدني من القبر»، لهذا لنجتهد ما قوينا في كسب أفضاله التي منّ الله بها علينا فيه، فمازلنا في أيامه الأولى. ولنزرع الأمل في قلوب فقدت الأمل أو كادت، ولنبتعد عما يمكن أن يزيد اليأس والإحباط في قلوب تاهت عن الطريق المستقيم، فرمضان مفتاح الأمل لكل عبد يرى أنه كان بعيداً عن الله، وفرصة لتصحيح الأخطاء، تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والصيام والقيام.