سقط 9 شهداء في حادث الأحساء المسالمة الهادئة الوادعة المحمية بجيش عرمرم من الباسقات الشامخة بدروع أهلها. تاريخ هذه الواحة كله سلم وهدوء وحالة توافقية، وهي الخليط بين تفرعات المذهب الشيعي وتفرعات المذهب السني، فتلك الفسيفساء هي جمالها وصورتها الفاتنة والمغرية للعيش فيها، الأحساء ذات المليونين ويزيد من مواطني بلدنا وذات الأغلبية الشيعية لم يشوه تاريخها أبداً بحادثة واحدة تهز السلم الأهلي، ويبدو أن ذلك أثار حقد الكوبرا فسلت أنيابها لتسمم ذلك التعايش الراقي بين جميع مكونات السكان، لكننا تعودنا عندما يفسد التمر وتهدأ العاصفة أن نعمل على تلقيح النخيل من جديد بانتظار الطلع في الحول المقبل، يقولون في الأمثال إن الأزمات تصنع الحلول والرجال فمثل هذا الحدث سيترك الأثر البالغ في نفوس الأحسائيين جميعاً سنة قبل الشيعة، فطبيعتنا في «هَجَر» الأزمات تجمعنا وتقوينا ثم نكون حصناً ضدها، من ارتكب هذه الفعلة الشنعاء لا يعرف عن أهل الأحساء شيئاً، ولو عرف ما فعل، فسُنَّتها قبل شيعتها سيمنعون أي عبث بالنخل المصطف جنباً إلى جنب. لكن السؤال الملح في جذوع النخل لماذا حدث الجرم؟ وهل نعمل على إيقاف وتجفيف الأرض التي تنبته ونمنع سقايته كما نفعل مع الخشخاش، ذلك هو المحك في صدق النيات والمقاصد، أما إن كنَّا نرفع شعارات ونمارس ضدها فلن يجدي ما نقول ويبقى الذئب يرعى في القطيع. لقد مررنا بتجارب كافية لاتخاذ أشد الإجراءات والحزم لنكون محصَّنين في مواجهة الإرهاب فهل من مدَّكر!، لا تزال منابع التحريض والتحشيد تُمارس أدوارها دون قانون يجرِّمها ويحاكمها ويقتص منها، ودون ذلك فلا طائل من ولولتنا ونُواحنا وحتى صراخنا، قد لا يعلم الغادرون أن الأحساء الآن أكثر تماسكاً وأكثر لحمة من أي وقت وأي مكان، سنشيِّع اليوم جثامين الشهداء ثم سنعزِّي أنفسنا ونعزي أهالي حائل في شهيد الواجب وهو واجب علينا. حفظ الله وطننا من كل سوء ومكر وسوسة حمراء.