أثناء قيامهما بواجبهما الوطني سقط البطلان «السنيان» النقيب محمد العنزي، والعريف تركي الرشيد برصاص الدواعش الذين قتلوا المواطنين «الشيعة» وهم يمارسون شعائرهم الدينية في حسينية المصطفى بالأحساء. الأمر نفسه كان سيفعله المواطن الشيعي إذا ما تعلّق الأمر بأمن أرضه وسلامة أهله من غير تفريق بينه وبين أخيه السني. ولعل اجتياح الكويت 1990م سيظل يذكرنا كيف وقف المواطنون شيعةً وسنةً متعسكرين في الجبهة نفسها دفاعاً عن الأرض والتاريخ المشترك، دون أن يكون لبزتهم العسكرية طائفة أو منطقة أو قبيلة. ربما يرى بعضٌ أن هذا الكلام مثالي، وأن الحالة الطائفية أصبحت أكثر فتكاً واستحواذاً على كل هذه الخطابات الوردية التي يتشدّق بها المثقفون الحالمون، لا سيما بعد الانشقاق الطائفي الكبير الذي سببه الربيع العربي في سوريا، وفي العراق، وفي البحرين، وفي اليمن لاحقاً. وربما يكونون محقين، ولكن، ما العمل؟. هل نستسلم للخطاب الطائفي، ونقبل بهذه النتيجة الوحشية، ونتحوّل لحطب في الحريق الذي فتك بجيراننا دون رحمة، مستخدماً نفس السلاح التاريخي «الطائفية»؟!. حادثة الأحساء الأليمة بيّنت لنا -قبل العالم- مدى رغبتنا في التعايش المشترك، ولكن يجب أن يعزز هذا التعايش بتجريم خطاب الكراهية، ومعاقبة كل من يصنّف المواطن على أساس طائفي بغية إقصائه، أو تهميشه، أو إعطائه نياشين من الدرجة العاشرة. وقبل هذا وذاك يجب العمل على تجفيف مستنقعات التكفير عبر إقفال القنوات المحرضة، وعبر غربلة المناهج الدراسية دون مجاملة، وكذلك من خلال تشريع قانون واضح يدين أي سلوك طائفي على مستوى القول أو الفعل أو النشر. إذ لا يكفي –على رأي علي الموسى في الزميلة الوطن- محاربة المنتج بينما يُترك المصنع يعمل بأقصى طاقته! إن تشريع القانون سيكون أقوى رصاصة تطلق على جسد التطرف في الداخل وفي الخارج. هذا إن أردنا –فعلاً- ألّا يذهب دم بطلينا العنزي، والرشيد، ودماء شهداء الأحساء هدراً.