قضت المحكمة العليا في ليبيا أمس الخميس بحل البرلمان المنبثق من انتخابات 25 يونيو الماضي رغم نيله اعتراف الأسرة الدولية الأمر الذي من شأنه مفاقمة الأزمة في هذا البلد حيث تسود الفوضى وأعمال العنف. ويعكس هذا القرار الذي فاجأ المراقبين حدة الفوضى السائدة في ليبيا حيث تسيطر ميليشيات «فجر ليبيا» على عاصمتها وتدور معارك عنيفة في بنغازي، ثاني كبرى مدن البلاد. ولم يصدر عن البرلمان أي رد، لكنَّ نواباً شددوا على أنهم على الأرجح لن يعترفوا بقرار المحكمة العليا. وقال النائب عصام الجهاني على صفحته في «فيسبوك» إن «النواب لن يعترفوا بقرار اتُّخِذَ تحت تهديد السلاح». وقَبِلَت المحكمة العليا الطعن المقدَّم في دستورية البرلمان المنتخب في 25 يونيو وقضت بحله. وأفادت وكالة الأنباء الليبية بأن «الدائرة الدستورية في المحكمة العليا تقبل الطعن في عدم دستورية الانتخابات، وأصدرت بالتالي حكماً يقضي بحل البرلمان». وصدر قرار المحكمة بعد أن قدم أحد النواب طعناً في دستورية قرارات البرلمان. كما قَبِلَت المحكمة أيضاً وبشكلٍ مفاجئ الطعن بشأن تعديل الدستور الذي أدى إلى انتخابات 25 يونيو ما يلغي الاقتراع وكل النتائج الناجمة عنه. وقرار المحكمة العليا نهائي ولا يقبل الطعن. وبعد إعلان المحكمة سمع شاهد عيان أبواق السيارات تعبر عن فرح عناصر مليشيات «فجر ليبيا» التي كانت تحتفل بالقرار. وعارض البرلمان ائتلاف ميليشيات «فجر ليبيا» التي تسيطر على طرابلس وجماعات متشددة مسلحة تسيطر على مدينة بنغازي «شرق» التي كان يفترض أن يتخذ منها هذا البرلمان مقراً له. واضطر البرلمان إلى الاجتماع في طبرق في أقصى الشرق الليبي بسبب انعدام الأمن في بنغازي التي تشهد أعمال عنف يومية. وبناءً على هذه الاعتبارات الجغرافية، قدم النائب عبد الرؤوف المناعي الذي يقاطع البرلمان على غرار نواب آخرين منتخبين الطعن «لأن البرلمان لم يحترم الدستور المؤقت الذي ينص على اتخاذ مقر له في بنغازي». كما اتهم المناعي ونواب آخرون البرلمان بأنه تجاوز صلاحياته بالدعوة في أغسطس الماضي إلى تدخل أجنبي في ليبيا لحماية المدنيين بعد أن سيطرت «فجر ليبيا» على العاصمة. وأعرب المناعي، في تصريحاتٍ أمس لقناة «النبأ»، عن «الأمل في أن تحترم كل الأطراف قرار العدالة». ويدعم معظم النواب الذين يقاطعون البرلمان «فجر ليبيا» الذي شكل حكومة موازية. وتشكلت في ليبيا مطلع سبتمبر حكومتان وبرلمانان، ما سيزيد في تعقيد تنظيم انتخابات تشريعية جديدة. وكان رئيس الحكومة الموازية التي لا تحظى باعتراف المجتمع الدولي، عمر الحاسي، دعا إلى انتخابات تشريعية جديدة قائلاً إنها «ضرورية لوضع حد للفوضى». وأحرج قرار المحكمة المجتمع الدولي الذي اعترف بالبرلمان والحكومة المنبثقة عنه ورفض أي علاقة مع الحكومة الموازية التي تتخذ من طرابلس مقراً لها. ويأتي قرار المحكمة في حين تدور معارك طاحنة منذ عدة أيام في بنغازي التي تحاول القوات الحكومية استعادة السيطرة عليها ما أسفر عن سقوط أكثر من 30 قتيلاً في 3 أيام، وفق مصادر طبية. وطلبت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الثلاثاء الماضي من لجنة في مجلس الأمن الدولي إضافة مقاتلي «أنصار الشريعة» التي تسيطر على بنغازي على اللائحة الأممية للمنظمات الإرهابية لعلاقاتهم بتنظيم القاعدة. بدورها، ذكرت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا في بيانٍ لها نشرته على موقعها الرسمي أمس أنها أخذت علماً بقرار الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية، وأنها تنكبُّ حالياً على دراسته عن كثب. وقالت البعثة، في بيانها، إنها تجري مشاورات بهذا الصدد بشكل وثيق مع القوى من كافة الأطياف السياسية الليبية ومع شركائها من المجتمع الدولي. وطالبت جميع الأطراف بإعلاء المصلحة الوطنية فوق أي اعتبار، مؤكدةً التزامها بسيادة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها. ووفقاً للبيان، دعت البعثة إلى ضرورة أن يتحلى الجميع بالمسؤولية والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه تصعيد حالة الاستقطاب القائمة أو يؤدي إلى مزيد من التدهور في الأوضاع الأمنية.