التفكير في مشاعرنا إزاء النماذج الإنسانية المعذبة بسبب الحروب أو المجاعات، حالة تفاعلية وممارسة يفرضها الواقع لمن يتقاسمون هذا الرغيف الساخن، «بصفته الأولى التي تحمل «درجة إنسان» مطالب بإثبات انتمائه لهذا العالم، فكلما جلسنا أمام مائدة مملوءة بالملذات تذكرنا جوعى العالم في مقارنة سريعة تمر بخاطرنا مع غصة تجمع شغاف القلب، وكلما دخلنا إلى منازلنا وتوارينا خلف وسائد الليل تذكرنا وجوه النازحين والخائفين النائمين في العراء، وكلما اكتنزت حياتنا بالصحة تذكرنا آلاف المرضى الذين تتلوى فرشهم من الألم. وللتفكير في الغير فلسفة ذاتية تحتاج لأن ترسخ في نفوس النشء، وتدعم قيم الفضائل بعيداً عن المحاولات التطوعية الخجولة التي تظهر وتختفي فجأة دون متابعة من جهات رقابية تهتم بالبحوث الميدانية، والاجتماعية وتستثمر طاقات الشباب، وتوجهها للاستفادة من الأفكار التطوعية الخلاقة. إننا بحاجة إلى مظلة وطنية شاملة لكافة الجهات التطوعية في المملكة تضع خططاً وإستراتيجيات قائمة على أبحاث علمية، توجه البرامج التطوعية وتنسق فيما بينها لفرض أنموذج مشرف لخدمة الإنسان السعودي الذي يعاني من ظروف الفقر والبطالة والمرض، والذي تعب من طرق الأبواب، ذلك الإنسان البسيط الذي تعفف عن الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية ويحتاج لمن يأخذ بيده للحصول على عمل، أو تأمين وضع مناسب للحياة من خلال برنامج يحمل شعار «فكر بغيرك» كأنموذج ينصت للمتعبين المتطلعين إلى جسر لمن انقطعت بهم السبل وصاروا يناشدون، ويرسلون برقياتهم في كل مكان مطالبين بإغاثتهم ومساعدتهم. يقول محمود درويش وأنتَ تعد فطورك، فكر بغيرك لا تَنْسَ قوتَ الحمام وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ لا تنس مَنْ يطلبون السلام