فكرت، ولأول مرة في حياتي، أن أستقبل العام الجديد (2012) بقراءة ما تيسر من الشعر، وكان من عاداتي في مثل هذا اليوم من كل عام أن أخلد إلى حزن عميق، ولا أكلم أحداً إلاّ نفسي، كيف لا وكل عام ينتهي يدفعنا خطوة أخرى باتجاه الحفرة المنتظرة! قلت أبدأ هذا العام بأحب الشعراء إلى قلبي، فربما يطير بي إلى عالم آخر، عالم البوح اللامحدود، والأماني العالقة بذاكرة الخيال، فباغتتني هذه القصيدة: وأنتَ تُعِدُّ فطورك، فكِّر بغيركَ (لا تَنْسَ قوتَ الحمام) وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ (لا تنس مَنْ يطلبون السلام) وأنتَ تسدد فاتورةَ الماء، فكِّر بغيركَ (مَنْ يرضَعُون الغمام) وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكِّر بغيركَ (لا تنس شعب الخيامْ) وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكِّر بغيركَ (ثمّةَ مَنْ لم يجد حيّزاً للمنام) وأنت تحرّر نفسك بالاستعارات، فكِّر بغيركَ (مَنْ فقدوا حقَّهم في الكلام) وأنت تفكر بالآخرين البعيدين، فكِّر بنفسك (قُلْ: ليتني شمعة في الظلام) وهنا، ركبني الهم والغم والكرب العظيم، وقلت: ليتني ما بدأت بمحمود درويش، وتساءلت: لماذا باغتتني قصيدة “فَكّرْ بغيرك” دون سواها؟ ثم لماذا يركبني الهم وأنا لا أملك شيئاً؟ أخيراً قلت ربما منّ الله عليّ بشيء ثمين أهديه إلى كل مسؤول عربي فاسد في مطلع العام الجديد، فربما، ربما يفكر!