لن تنتهي الأزمة في اليمن مع سيطرة جماعة الحوثيين في مناطق واسعة من البلاد، بل يمكننا القول إن الأزمة اليمنية اتجهت بعيدا عما ينشده اليمنيون من إزاحة الرئيس علي عبدالله صالح عن السلطة، وبعيدا عما رمت إليه المبادرة الخليجية في عودة الاستقرار إلى اليمن. اليمن اليوم لم يعد على مفترق طرق بل هو دخل طرقات متعددة، كلها لن تقوده إلى العودة لما قبل عام 2011، أخطرها صراع مفتوح بين الحوثيين وقبائل اليمن والقاعدة مع كل تشعباته القبلية والسياسية والمناطقية، يضاف إليه التدخلات الإقليمية والدولية. مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي يصف تقدم الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة ومدن أخرى بأنه تحول فريد من نوعه في تاريخ اليمن، ويضيف هذا المسؤول الإيراني أنه يتمنى على الحوثيين أن يقوموا بنفس الدور الذي يقوم به حزب الله داخل وخارج لبنان. كلام ولايتي دقيق وما حصل في اليمن هو تحول فريد من نوعه، لكن ربما لم يدرك ولايتي وقادة طهران أن هذا التحول هو الأخطر في تاريخ اليمن الحديث، وأن سيطرة أقلية مذهبية مدعومة من قبلهم على اليمن لن تحصل، لأن اليمن ذو خصوصية ربما لم يدركها بعد مستشار خامنئي. خصوصية اليمن بتركيبته الاجتماعية والسياسية والدينية لن تقبل إملاءات طهران عبر ممثليهم، كما أن التوازنات السياسية الداخلية في اليمن قبليا وسياسيا ومذهبيا لن تسمح بأن يملي الحوثي على اليمنيين رغبات طهران، إضافة إلى أن اليمن دولة يملك مواطنوها قطعا من السلاح تقدر بالملايين. وأعتقد أن الحوثيين يدركون خطورة أن يكونوا أداة لإيران في المنطقة، وأنهم إذا قبلوا بهذا الدور فإنهم سيضعون أنفسهم في مواجهة الشعب اليمني بأكمله، وبذلك يفتحون أبواب الجحيم على أنفسهم وعلى اليمن.