يحتار المرء كثيراً، وهو يرى في كل مرة بأم عينه أن الشرعية الدولية وقرارات الأممالمتحدة، قد وقفت عاجزة أمام هول الجرائم والممارسات العنصرية والاستفزازية التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي في ساحات المسجد الأقصى، ومنع المصلين الفلسطينيين أصحاب الأرض من دخول القدس لأداء فريضة الصلاة، بل كذلك الاعتداء على النساء والشيوخ والأطفال بالهراوات والرصاصات المطاطية والقنابل المسيلة للدموع. إن هذه الممارسات تؤكد أن إسرائيل ليست بوارد الجلوس على طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى حل نهائي، يقوم على أساس القرارات الأممية الصادرة عن مجلس الأمن والأممالمتحدة، أو أنها معنية بالتفاهمات التي رعتها اللجنة الرباعية وممثلها السيد توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا السابق، بوصفه مبعوث السلام في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية إلى منطقة الشرق الأوسط. لقد قدَّم العرب كل الدلالات والتطمينات بأنهم جادون في خيار السلام، وأنهم يؤمنون بإمكانية قيام دولة فلسطينية عن طريق التفاوض، وعن طريق السلام الدائم والشامل، إلا أن السلطات الإسرائيلية تصر على أن تقابل كل هذه المبادرات بروح التعنت والتصلب ورفض تقديم أي تنازل يظهر ولو بنسبة بسيطة أن هناك فرصة للتوصل إلى حل سياسي سلمي ينهي معاناة الاحتلال. وفي الوقت نفسه فإن المفاوض الفلسطيني، صاحب الشرعية والأرض، والممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، لم تعد وسيلة إلا واتبعها لتأكيد رغبته الجادة في الجلوس إلى طاولة المفاوضات، من أجل التوصل إلى حل سلمي ودائم يسفر عنه قيام دولة فلسطين المستقلة، إلا أن الواضح أن أسرائيل لا تريد إلا المفاوضات من أجل المفاوضات فقط لا غير. إن إصرار قوات الاحتلال الإسرائيلي على اقتحام ساحات المسجد الأقصى المبارك ومنع المصلين من دخوله والاعتداء عليهم، لا يمكن وصفه إلا بالاعتداء والانتهاك الصارخ الممنهج الذي تمارسه إسرائيل ضد السكان والمقدسات في القدس الشريف، وهي ممارسات تمثل خرقاً للقانون الدولي والشرعية الدولية واعتداء صارخًا على مشاعر المسلمين. إن هذه الممارسات الإسرائيلية بكل تأكيد مرفوضة، ولا يمكن التسليم بها أو القبول بها، كما يجب التنبيه إلى أنها تهدف إلى المس بالمقدسات الإسلامية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وتغيير معالمها ضمن سياسة التهويد التي تتعرض لها القدس بصفة خاصة.