شرعت وزارة الصحة في عام 2010 م في استحداث تخصص (إدارة طب الحشود) بالجامعات السعودية وفعَّلت مراكز التدريب لهذا التخصص في المستشفيات المعروفة بعد الاعتراف به من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية لأهميته في المملكة العربية السعودية التي تشرفت بخدمة الحرمين الشريفين واستقبال الأفواج القادمة من الحجيج والمعتمرين من شتى أصقاع الأرض تلبية لنداء البارئ عزَّ وجلَّ. يهتم طب الحشود (Mass Gathering Medicine) – وهو فرع من فروع الطب- باكتشاف المخاطر الصحية للتجمعات البشرية (الحشود) ووضع إستراتيجيات لإيجاد خطط عمل مبنية على أسس علمية لتقديم خدمات صحية فعَّالة أثناء هذه المناسبة الدينية، بهدف تقليل الإصابات والأمراض التي تنتشر بالتجمعات البشرية الكبيرة وينجم عنها عدد كبير من انتشار العدوى والإصابات أو الموتى. وبتطوير هذا العلم ستمتد آثاره لتشمل فوائد التخطيط المشترك وتعزيز قدرات البنية التحتية للبلد المضيف، واتخاذ التدابير الاستباقية والوقائية لمواجهة انتشار الأمراض الوبائية على الصعيد الدولي، ويسهم في إيجاد الفرص المتاحة لتعزيز وعي الجمهور وإثارة اهتمامه في هذه المناسبات فيما يخص نقل وتبادل المعلومات. كما يعتبر طب الحشود الملاذ الآمن للرعاية الصحية قبل اللجوء إلى طوارئ المستشفى، حيث يؤمن الوصول السريع إلى المرضى والمصابين، والثبات والنقل الفعّال لهم، والرعاية الموضعية للإصابات والأمراض الطفيفة. يسهل انتشار الأمراض المعدية في التجمعات البشرية، ويمكن الحد من ذلك بالاستعداد المبكر بالتثقيف الصحي للحشود البشرية في سبل الوقاية والاكتشاف للإصابة وكيفية الوصول للعلاج، كما يمكن الحد منها عبر التحكم بالمنطقة المحتضنة لهذا التجمع وفق طبيعتها الجغرافية وضمان سلامتها بيئياً وصحياً. فأحد مسببات انتقال العدوى بين الحشود والتجمعات البشرية الكبيرة هو تلوث الماء والغذاء والعدوى التنفسية التي تعد من أخطر تلك الطرق لنقل الأمراض من الأشخاص المصابين إلى غيرهم من الأصحاء. كما يتوقع ظهور فيروسات أو أمراض مستجدة بإمكانيات كشف أو علاج صعبة ومكلفة، لا سيما أن أغلب الأوبئة لديها مقاومة للمضادات واللقاحات المتوافرة حالياً على المستوى الدولي، وهو ما يصعب الحد من انتشارها بصورة سريعة. يواجه موسم الحج في عامنا هذا تحدي الوقاية من انتشار فيروس الإيبولا وكورونا بحكم انتشارهما في الفترة الأخيرة وخطورتهما خاصة مرض (إيبولا) المنتشر في إفريقيا الذي تسعى الجهود للحد من وصوله عبر أو بين الحجاج. لذا جندت وزارة الصحة جهودها من موارد مادية وبشرية عند المنافذ وفي داخل المشاعر المقدسة لتأمين ضيوف الرحمن. حيث بدأت الإجراءات الاحترازية الوقائية منذ وقت مبكر بقرار وقف إصدار تأشيرات الحج للدول الموبوءة، والمسح الميداني لمنع حدوث أي حالات انتشار سواء لإيبولا أو كورونا، ويتم ذلك برصد الحجاج منذ وصولهم إلى المنافذ، ففي حال الاشتباه أو وجود أي حالة تظهر عليها أعراض قد تكون بسبب مرض إيبولا يتم عزل هذا الحاج والاهتمام به من الناحية الطبية لمنع انتشار المرض. كما وضَعتْ خططاً توعويةً في جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية وعلى وسائل الإعلام تقديم المعلومات التوعوية والصحية بوسائل مختلفة توضح للحاج تفاصيل خطط التوعية الصحية. نأمل من الله أن يختم حج هذا العام وكل عام بصحة وسلامة، وحج مبرور وذنب مغفور وكل عام وأنتم بخير.