إحدى المزايا التي ننعم بها كسعوديين من توحيد المملكة العربية السعودية هو تمتعنا بحرية زيارة الحرمين الشريفين في أي وقت من أوقات السنة بدون التزامات الفيزا التي تستوجب من المعتمر أو الحاج الأجنبي. ولهذا تتوفر الفرصة لمعظم السعوديين لأداء العمرة أكثر من مرة وكذلك الحج إذا تحصّل على التصريح. ورغم تنظيم تصريحات الحج إلا أن هناك من يجيز لنفسه التحايل على النظام بحجة أن هذا بيت الله الحرام وليس لأحد أن يحجر على المستطيع زيارته ويتغاضى عن شرط الاستطاعة وهو الحصول على التصريح. أو نرى تحايلاً من حملات الحج بالتصريحات الوهمية، التي يتضرر منها الحاج وتسبب فوضى في التنظيم. تعتبر فريضة الحج من التحديات التي تواجهها حكومتنا الرشيدة لجوانب كثيرة، سأذكر فيها الجانب الصحي والتي تبذل وزارة الصحة كثيراً من جهودها وخدماتها وإمكانياتها لخدمة ضيوف الرحمن من قبل عديد من الكوادر الصحية الذين يوجدون أثناء موسم الحج. بدءاً من التحصين الوقائي للحج وتوفيره بمراكز الرعاية الأولية وجعله أحد شروط الحصول على تصريح الحج، والتوعية التي يحتاجها الحاج من مستلزمات صحية، أو كيفية الوقاية من المرض والعدوى، وتحذير ذوي الاحتياجات الخاصة من تبعات الحج وغيرها من الاحتياطات التي تحدث سنوياً وفق أي مستجدات صحية وكذلك توفير المرافق الصحية. في العام الماضي لحج 1434 ه على سبيل المثال كانت هناك حملة مكثفة لوقاية الحجاج من مرض كورونا، وخلال هذا العام 1435 ه تنشط حملة الوقاية من كورونا مضافاً لها مرض الإيبولا حمانا الله وإياكم وجميع ضيوف الرحمن منها. ورغم كل التحذيرات إلا أننا نجد هناك إصراراً من بعضهم في مخالفة الاحتياطات الصحية – التي تم التحذير منها لخطورتها على الإنسان- والتوجه إلى بيت الله الحرام رغم كل الظروف التي تضره لضعف مناعته كالطفل وكبار السن والحامل وبعض المرضى ومن يتناولون عقارات تضعف المناعة، نجدهم يتجاوزون كل ذلك سعياً منهم للذهاب لفريضة الحج، رغم أن الله سبحانه وتعالى لم يلزمه بأن يرمي نفسه في التهلكة. منذ فترة عرضت صور تستعرض بر الأبناء لابن طاف بوالدته المريضة وهي بمحاليل وريدية حول الكعبة لتحقيق حلمها. ورغم إنسانية هذا الموقف، إلا أننا لو فكرنا بجانب عاطفي أيضاً وعقلاني، أليس بالطواف حول الكعبة مع الزحام إضرار بالمريضة التي تمنعها حالتها المرضية حتى من الجلوس على كرسي وأن تكون مسجاة على سريرها الطبي بمحاليلها الوريدية؟، أليس باختلاطها بالمعتمرين مع الزحام احتمالية كبير ة لتعرضها للعدوى والذي بسبب ضعف مناعتها لكبر سنها وأمراضها قد يسبب لها مضاعفات مرضية لا تستطيع تحملها؟، أليس لمزاحمتها للطائفين بسرير المرضى في صحن الطواف أضرار وتضييق على ضيوف الرحمن الذين يؤدون فريضتهم؟. عندما فرض الله الحج وقرنه بالاستطاعة لم يكن ذلك عبثاً، و حاشا لله أن يفرض علينا ما يضرنا، لهذا نتوقع من المعنيين بالحج والعمرة من الجهات الدينية بالتعاون مع مسؤولي الصحة والأمن وغيرهم من هم مرتبطون بخدمة الحجاج التعاون لتعريف متجدد «لمن استطاع إليه سبيلا»، ووضعها ضمن معايير التصريح الذي يلزم به الحاج والذي يجب أن يربط بهويته أو إقامته أو جوازه والتأكد نظامياً من ذلك، ومعاقبة المخالفين والمتسترين على تجاوز الأنظمة.