تحدث عدد من المختصين ل «الشرق»عن واقع الخليج العربي وأبرز التحديات التي تواجهه في الوقت الحالي وما تتعرض له المنطقة من مخاطر، وألقوا الضوء على التحديات الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية. قال الدكتور محمد بن جعفر الغامدي: لا شك أن القراءة الموضوعية الواقعية للأحداث والتطورات السياسية والعسكرية تكشف حجم التحديات الكبيرة التي يواجهها الخليج العربي باعتباره جزءاً من منطقة الشرق الأوسط المضطربة، ولعل الخليج العربي بحكم موقعه وأهميته الاقتصادية العالمية يمثل هدفا لأطماع إقليمية ودولية، وأضاف الغامدي أن هناك تحديات داخلية تمر بها دول الخليج العربي ألقت بظلالها على طبيعة واتجاهات التحديات الخارجية لعل في مقدمتها الإرهاب الذي عانت منه بعض دول المنطقة التي بلورت استراتيجيات لمحاربته كالمملكة العربية السعودية التي حققت إنجازات أمنية وفكرية في مواجهة الإرهاب. وتطرق الغامدي إلى التحدي السياسي الذي تواجهه دول الخليج؛ حيث تسهم فيه عوامل عديدة فيوضح ذلك بقوله: لعل في مقدمة تلك العوامل ما أفرزه ما يسمى بالربيع العربي من تحولات مازالت تعاني بعض الدول منها لا سيما بعد أن استغلت بعض الدول ومن بينها إيران اضطراب الأوضاع في كل من العراقوسوريا واليمن ولبنان لتمرير أجندتها وإشغال العرب بأنفسهم ومحاولة توسيع دائرة الفتن لتشمل دول الخليج العربي. لقد سعت إيران لإشاعة الفتنة الطائفية على أساس مذهبي في العراقوسوريا وإلصاق تهمة الإرهاب بالمكون السني، وهي لا تتوانى عن نشر هذه الصورة النمطية، ساعدتها في ذلك بعض التنظيمات الإرهابية التي تنفذ جرائمها باسم الإسلام وهو منها براء. قال الدكتور منصور الشمري: إن القضية التعليمية هي الأبرز حالياً على المستوى الداخلي، فغياب البيئة الجاذبة للطالب والطالبة في التعليم العام والعالي ستكون سبباً بارزاً في البحث عن عالم آخر يكون متطرفاً، وأعتقد أيضاً أن تأخير العمل على إيجاد مراكز للدراسات الاستراتيجية هو موطن آخر للتحدي قد يكون سبباً لكثير من الفشل في استباقية العمل على حماية الأمن الفكري تحديداً. إن التحديات التي تواجه الخليج العربي مختلفة وكثيرة، وهذا الذي دفع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعمل على إيجاد (اتحاد خليجي) وبأسرع وقت ممكن، وإلا فإن التحديات ستتطور خاصة بما يتعلق بمجال مكافحة الإرهاب لدرجة قد لا يكون من السهل الخروج منها. دول الخليج العربي تستطيع أن تكون قوة ضاربة عندما يكون هناك مشروع أمني واقتصادي موحد، ودون ذلك؛ فالعمل الأحادي انتهى زمنه، والاتحاد الأوروبي مثال يحتذى به. ويؤكد الدكتور الشمري على أن التشدد الديني ليس مقياساً لظهور التنظيمات الدينية إطلاقا، كما أن ربط الجماعات الإرهابية الإسلامية بالمدرسة الخارجيّة هو ربطٌ غير علمي، فمقاييس ظهور الجماعات المتطرفة لها معايير ونظريات علمية. ويضيف: إن الإرهاب له صور متعددة، وكذلك له قراءات بعضها يرتبط بالأفراد دون أن نقحمها بالعمل الجماعي، وبعضها يرتبط بعمل الجماعات فقط، كما أن هناك أعمالاً إرهابية تخضع لعمل أفراد وأخرى تنظيمات وأخرى إرهاب دول، وأكد الشمري أن التشدد الديني ليس منطلقاً لوجود الجماعات الإرهابية، فهناك دول لا تشهد تشدداً دينياً إطلاقا لكنها كانت أكثر الدول التي خرج منها مشاركون بالقتال في سورياوالعراق، وتعتبر دول أوروبا من الدول غير الإسلامية خرج منها قرابة 3000 عنصر للمشاركة بالقتال مع داعش وجبهة النصرة. قال سالم أحمد الغامدي إن دول الخليج العربي تواجه جملة من التحديات الداخلية والإقليمية، وإذا كانت التحديات الداخلية محدودة وضعيفة في السابق، فإنها تضاعفت حاليا وأصبحت تمثل قلقاً حقيقياً لهذه الكيانات التي كانت ومازالت تتمتع بقدر كبير من الأمن والاستقرار الذي استطاعت معه تحقيق تنمية سريعة شملت كافة أوجه الحياة، ما يستوجب معها الحفاظ على مكتسباتها في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه ليس المنطقة الخليجية فحسب بل والمنطقة العربية التي رأينا كيف طالت الفوضى والمشكلات بعض دولها، ومازالت تعاني من تبعات هذه الفوضى.. ويضيف بقوله: وفي ظل هذه الظروف العربية المحيطة والأوضاع الإقليمية غير المستقرة؛ فإن دول الخليج مطالبة بالمحافظة على مكتسباتها من الأمن والاستقرار والتنمية، وذلك بإيجاد الحلول للمشكلات الداخلية القديمة أو المستحدثة قبل أن تستفحل في ظل الفوضى التي تشهدها بعض دول الجوار. ويعتقد الغامدي أن أبرز التحديات الإقليمية التي تواجهها دول الخليج فهي تتركز حول علاقاتها بدول الجوار التي تشهد تغيرات مستمرة ليس بسبب سياسات دول الخليج الثابتة والمبنية على أسس سليمة بعد التدخل في شؤون الآخرين، ولكن بسبب تغير وتبدل سياسات بعض دول الجوار مع تغير أو تبدل حكوماتها وتذبذب سياساتها تجاه دول الخليج، وهذا ما يشكل هاجساً حقيقياً لمنطقة حيوية تتمتع بثقل اقتصادي وسياسي وموقع جغرافي مميز.