فتحت المدارس أبوابها، واستقبلت طلابها بعد انقضاء العطلة الدراسية الطويلة، لتبدأ بداخلها عجلة الدراسة تتحرك من جديد، لكن من بين طلاب مدارسنا ضيوف جدد عليها، لم يألفوا أجواءها من قبل، سيعيشون لحظات نقلة جديدة في حياتهم، ومن خلالها سيكتسبون خبرات جديدة إما إيجابية أو سلبية، لذا من الأهمية بمكان أن يجدوا من يعينهم ويساعدهم في «البيت والمدرسة» على تجاوز هذه النقلة بشكل إيجابي؛ كي تصبح ذكرى جميلة في حياتهم لن تُمْحَى من ذاكرتهم، وتجربة رائعة، ودون أدنى شك أن الطلاب المستجدين على المدرسة سيأتون من بيوتهم وهم يحملون أحلاما وآمالا مبهجّة مفعمة بالبراءة والطهر الطفولي، ويحملون أنماطا متباينة من السلوكيات والمعرفة، تبعا للبيئات الأسرية المتنوعة التي قدموا منها، ومهمة المدرسة إعادة تشكيل شخصياتهم بما يتوافق ويتسق مع مايجب أن تكون عليه، فكيف يجب أن تكون «مهمة استقبالهم» في مدارسنا ؟ أقول : يجب من خلال «الخطط المعدة سلفا في مدارسنا فيما عُرف ب «الأسبوع التمهيدي» أن يكون شعار المدارس «الحب والابتسامة» فلا يرى الطلاب المستجدون غيرها، فهما العنوان الأهم خلال الأيام التاريخية الأولى في حياتهم، فكل تلميذ جديد على المدرسة سيكون دخوله سهلا ميسّرَا إلى عالمه الجديد، ودون أن ترتسم في عينيه أي علامات يسكنها الخوف أو الرهبة من الأجواء الجديدة عليه، وسيجد شعورا مريحا يساعده في الانخراط ضمن جماعات الطلاب الذين لم يخترهم بمزاجه، لكنه وجد نفسه بينهم ووسطهم، وبأعداد كبيرة لم يعهد عليها من قبل، بما يحمله كل تلميذ منهم من سلوك وثقافة تختلف عن زميله الآخر، كل ذلك (مرهون بتكيّفه) مع الأجواء المدرسية الجديدة، ومع زملائه، وهي المهمة الأبرز والأهم التي يسعى إليها المعلمون مع مدير المدرسة، ويكون «العمود الفقري» لهذه المهمة الشاقة، الذي تكمن عنده عوامل نجاح برنامج استقبال الطلاب الجدد هو «المرشد الطلابي» بما أعده من برامج وأساليب وخطط ومسابقات ضمّنها ألعابا رياضية مسليّة وجاذبة، بحيث يكون الهدف من ورائها جعل الطلاب لا يشعرون برهبة الموقف الذي يعيشونه، بل وسيسري بداخلهم شعور مصحوب بالارتياح بأنهم انتقلوا من بيت صغير إلى بيت أوسع، وكم أحب أن تخرج مدارسنا من «أساليبها التقليدية» في تنفيذ برامج استقبال طلابها، إلى تنفيذ برامج وأفكار إبداعية، تخلو من الروتين الذي اعتدناه في برامج الأسبوع التمهيدي، فتأخذ أيامهم الأولى طابع «حياة الملاهي، حينما يذهبون إليها، ونحن نراهم كيف يقضون أوقاتهم فيها دون الشعور بالملل أو الرغبة في تركها» فندعهم ينطلقون دون قيود نحو ممارسة الألعاب المتنوعة التي تكون أعدّت لهم، ونحفزّهم على الدخول في المسابقات المشّوقة، ونعرفهم بالتدريج على «المكون المادي والبشري للمدرسة» وأن ترصد ميولهم ومواهبهم وتضّمن تقارير المرشدين الطلابيين، ليستفيد منها معلموهم في تحديد شخصياتهم، والإلمام بظروفهم المتباينة بين الخوف واليتم والغربة والفقر والغنى، حتى تكون أساليب معاملتهم لهم وطرائق تعليمهم في ضوئها.