قد يكون في داخل بعضنا داعشي، أو بعض داعشي، فما الإنسان، من الداخل، إلا مشاعر وأحاسيس، عالم وجداني، يغضب لفعلة، ويرضى لأخرى، يكره شيئاً، ويحب آخر، تجده متقلباً في مشاعره، فيحب ما كان يكره، ويكره ما كان يحب، ويرضى عما كان يغضبه، ويغضب مما كان يرضيه. فلو تصورنا داعشاً، كتكوين، نجد أن ذلك التكوين له عناصره ومكوناته، تلك العناصر والمكونات التي تنفّذ وتترجم أفكار ذلك التنظيم، بقناعات تامة، ولكن السؤال كيف تكونت تلك القناعات؟ وكم المدة الكافية لتكوينها؟ قد تشعر بالرضا، ولو بنسبة صغيرة، عن عملية تصدر عن هذا التنظيم، فمثلاً، قد تشعر بالارتياح، ولو نسبياً، وأنت تراه يهاجم أحد مواقع الجيش السوري، في تلك اللحظة التي رضيت فيها، هل نعتبرك داعشياً؟ إن كنت سنياً متعصباً، وترى عناصر التنظيم تعتدي على بعض «الميليشيات» الشيعية، فيُدخل، إلى قلبك، شيئاً من السرور، هل أنت، في هذه اللحظة، داعشي؟ وعلى العكس من ذلك، إن كنت شيعياً متعصباً، وتراهم يهاجمون بعض العناصر القتالية، من السنة، في العراق، ونال إعجابك شيئاً من هذا، فهل أنت داعشي؟ لكن، في لحظات أخرى، قد يغضبك، ما تراه، منهم، من قتل للأبرياء، وسبي للنساء، وسفك للدماء، ونشر للرعب في الديار، لأنك مزيج من المشاعر، والأحاسيس، تتذبذب بين حافتين، يميناً ويساراً، فلا تستغرب إن قلت لك أنّ فيك شيئاً من داعش، أقلها الشعور بالرضا النسبي، في بعض المواقف، فما أنت إلا متأثر ومؤثر، سلباً أو إيجاباً، ولكن إن رأيت أن رضاك عنهم أكبر من سخطك، فعليك أن تقيّم الوضع، لتعرف إلى ماذا تميل أكثر، فإن كان رضاك أكبر، فاعلم أنك إلى الداعشية أقرب. وفي النهاية، ستعرف، وأرجو ألاّ تكون متأخراً، أن ذلك التنظيم، ، قد أساء إلى الإسلام العظيم، الذي ملأ الدنيا عدلاً وسلاماً. راقب مشاعرك، ثم حاسب نفسك بنفسك، قبل أن تصبح داعشياً، وأنت لا تدري!