خلف ضوء القمر يسود سكون الليل، يظنون أنك نائم كعادتك خلف جدران موحشة، تتألم تحمل ألف وجع دون أن يشعروا حينها، بأنك تشعر بآلام الآخرين الذين ينامون في العراء وفي الشوارع متشردين، ليس لديهم حتى الغطاء ليكسو أجسادهم من نفحات البرد، يحملون في جوفهم ألف غصة يتجرعونها بكل حسرة، خلف ضوء القمر فقط يحملون قصتهم، همومهم، آلامهم لايتمللون ولا يشتكون. سمفونية يومية يعزفونها في حياتهم، تتراقص عليها سعادتهم يعشقونها ويعشقها الليل الذي يقاسمها معهم، يحملون معا أجمل ابتسامة للحياة. عليك أن تشعر أيها الكائن الذي لاتحمل أدنى حب للحياة، ولاتحمل ابتسامة رضا، انظر لهؤلاء، راقبهم من بعيد، وعليك أن تتوجع ولو لوهلة بسيطة، أن تشعر بهم بألمهم، وتقاسمهم لقمة الحياة، عش معهم ولو ليوم واحد خلف ضوء القمر، ابحث عن مصدر سعادتهم الذي يشعرون به دون تضجر أو عناء، فهم يشعرون بالألم والوحشة والقسوة لكنهم، ودون علم أحد فتلك حياتهم يتقاسمونها والليل معاً خلف أسوار ملؤها الشوك الجارح الذي لايحميهم منها سوى أنهم يعيشون تحت ضوء القمر، يحلمون بما في أيدي الآخرين، يتمنون أماني بسيطة ويرون في مخيلتهم أنهم يحصلون على كل ما يريدون بمجرد حلم وهم نائمون، بسيطة هي أحلامهم وجميلة آمالهم، يدركون ما يحدث حولهم ويرون قسوة العالم ووحشيته أمام أعينهم ولكن ليس بأيديهم مايفعلون، لايملكون ما يدرأون به المخاطر عن أنفسهم، لفح الحر أمامهم وقسوة البرد وقرصته من خلفهم، ضعفاء رحماء قست عليهم الدنيا بأكملها وقلوب العالم تلومهم، فاعفُ أيها العالم، فهم لم يصنعوا العناء لأنفسهم بل عاشوا قدرهم.