البنوك السعودية من أكثر الجهات التي تتعرض للنقد من قبل المجتمع تجاه مبادراتها وعدم القيام بواجباتها ومسؤوليتها المجتمعية، على اعتبار أنها من أكثر الجهات ربحية ومعفية من الضرائب الحكومية عدا ما يستوجب عليها من الزكاة وهو حق شرعي لا جميل ولا تفضل منها في دفعه. وهو نقد صحيح في بعض جوانبه، ومتحامل في جوانب أخرى وللتحامل ما يبرره لأن البنوك جهات إقراض والمقترض لا يحمل كثيراً من الود لمن يطالبه بالسداد فكيف إذا كانت هذه القروض يترتب عليها رسوم وغرامات تأخير، نعم البنوك معفية من الضرائب باعتبارها شركات وطنية ويساهم في ملكيتها مواطنون ومواطنات وما يطبق عليها يطبق على مثيلاتها من الشركات السعودية، لكنها ليست بعيدة عن مسؤوليتها الاجتماعية، وبالأخص في قضايا توطين الوظائف وتحقيق معدلات تعتبر الأعلى في القطاعات التجارية في المملكة ومجموع القوى العاملة من الجنسين تجاوز 32000 موظف وموظفة، ومن أعلى الجهات التجارية في الإنفاق على تدريب وتأهيل شباب وشابات الوطن، وتوطين التقنية في خدماتها المقدمة للمستهلك وإتاحة معظم تلك الخدمات لعملائها دون رسوم، ودعم ورعاية الأعمال الاجتماعية والخيرية، لكن هناك من سيقول إن كل ما ذكر ليس ببعيد عن مصالحها ويعود عليها بالنفع والربحية، وهذا لا يقلل من قيمة ذاك فالهدف هو المصلحة العامة للوطن والمواطن. لكن التساؤل الأهم أين بقية الشركات الأخرى التي توازي نسبة ربحيتها البنوك مثل شركات الإسمنت التي تحصل على محاجر من الدولة بأسعار رمزية ولديها إعفاءات جمركية وتسهيلات حكومية كبيرة، لا تحصل عليها مثيلاتها في الدول الأخرى، ولها أضرار على البيئة بحكم طبيعة عملها الصناعي وطبيعة منتجاتها واستهلاكها العالي للطاقة التي تقدم لها بأسعار مدعومة، فيما نجد مساهمتها في توطين الوظائف متدنية جداً، ومنتج الإسمنت من بداية تصنيعه إلى وصوله للمستهلك النهائي ليس له مردود واضح في قضية التوطين وتقليل نسب البطالة، وهي القضية الأبرز في مجتمع يمثل فيه الشباب أكثر من 65% من تعداد السكان. ولو عدنا إلى موضوع المسؤولية الاجتماعية لوجدنا أن مساهمتها أقل بكثير من البنوك السعودية، وهي أقدر من غيرها على المساهمة في حل أزمة الإسكان التي يعاني منها المواطنون، وفي مجال التوظيف هوامشها الربحية تمكنها من استحداث وظائف وبمرتبات مغرية جاذبة للباحثين عن العمل، وكيلا يحمل هذا على أنني أتحامل على شركات الإسمنت لكي أدافع عن البنوك فسأضيف إليها وكالات السيارات في المملكة فالغالبية منها لم تقدم شيئاً في مجال المسؤولية الاجتماعية اللهم إذا استثنينا شركة أو شركتين، وربحيتها من أعلى القطاعات، والمواطن السعودي هو المستهلك الأول لبضاعتها، وفي مجال توطين الوظائف يمكن لأي مهتم أن يزور مراكز الصيانة وقطع الغيار ويحكم بنفسه، والقائمة أطول ونكتفي بهذين المثالين الواضحين.