تخفيفاً للأعباء القضائية على المحاكم العامة، أطلقت وزارة العدل أمس الثلاثاء، منظومة المحاكم المتخصصة في المملكة، ودشن وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى محاكم الأحوال الشخصية ومحاكم التنفيذ، تتلوها المحاكمُ التجارية والعمالية، وذلك في فندق الريتز كارلتون بالرياض. وانطلقت المحاكم المتخصصة بافتتاح محاكم ودوائر الأحوال الشخصية في كل من الرياض ومكة وجدة والمدينة والدمام وتعنى بنظر القضايا الأسرية، شاملة قضايا الطلاق والخلع والنفقة والحضانة وما له علاقة بها. ويأتي ذلك امتداداً لما تم العمل عليه سابقاً من تهيئة محاكم التنفيذ تحت مظلتها الواسعة، لتتجاوز نطاق الدوائر في المحاكم العامة إلى محاكم مستقلة بعد صدور أمر ملكي مؤخراً بإنشائها. من جانبه، أوضح وزير العدل الدكتور محمد العيسى خلال كلمته التي ألقاها في حفل الافتتاح أن بدء العمل في هذه المحاكم يمثل نقطة تحول كبيرة في تفعيل النظام القضائي الحديث على إثر صدور نظامي المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية، ومن ثم استكمال الاستعدادات البشرية والإجرائية والإدارية في إطار الدعم الكبير الذي يتلقاه جهاز العدالة من مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير مرفق القضاء. وأكد الدكتور العيسى أن هذه المحاكم ستساهم في تخفيف الأعباء القضائية على المحاكم العامة من خلال نقل عديد من اختصاصاتها وإسنادها إلى محاكم مستقلة، مشيراً إلى أن هذا التحول النوعي سينعكس كثيراً على تحقيق مزيد من قرب مواعيد الجلسات وسرعة إنهاء القضايا، فضلاً عن تركيز النظر القضائي في تخصص واحد. ولفت إلى أن محكمة الأحوال الشخصية في الرياض بدأت فعلياً في تنفيذ خطة قضايا الجلسة الواحدة إلا ما يتطلب النظر القضائي مزيدا من فحصه واستطلاعه، وأن هذه الفكرة سيتم تعميمها على بقية المحاكم تباعاً. وقال وزير العدل في حديثه للصحفيين إنه تم افتتاح محاكم الأحوال الشخصية ومحاكم التنفيذ بعد أن تم نقلها وترقيتها إلى محاكم من خلال الدعم الكبير من مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير القضاء، وقد كانت في السابق تحت مظلة دوائر، والدعم الذي يأتيها لم يكن بالمستوى تصنيفها كمحاكم وفق أحكام النظام، والآن تم تصنيفها كمحاكم وفق أحكام النظام. وأضاف: «الآن يهمنا تخفيف أعباء النظر القضائي وتقليص مواعيد جلسات المحاكم لتكون في نطاق قريب جداً يصل بالقضايا في بعض المحاكم إلى جلسة واحدة، كما تم تقليص المدد والمواعيد في بعض المحاكم من 6 أشهر إلى أسبوع أو أسبوعين». كما أشار أمين المجلس الأعلى للقضاء الشيخ سلمان بن محمد النشوان إلى أن افتتاح محاكم الأحوال الشخصية ومحاكم التنفيذ سيتبعهما مباشرة المحاكم والدوائر الجزائية لاختصاصاتها مع تدشين للمحاكم التجارية والعمالية في حلقات متصلة لتكمل جهة الإشراف على القضاء في المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل ما أخذته على نفسها بإكمال افتتاح المحاكم المتخصصة والاتجاه نحو القضاء المتخصص. من جهته، أبان وكيل الوزارة لشؤون الحجز والتنفيذ الشيخ خالد الداوود أن إنشاء محاكم متخصصة بالتنفيذ في كل من الرياض ومكة المكرمة وجدة بكيانها التام والمستقل ودوائر التنفيذ في المحاكم العامة في المدن سيخدم التخصصات القضائية الأخرى، وينفذ ما يصدر من أحكام بمنهج قوي يحمي الحقوق ويردع المماطلين، مضيفاً أن عدد طلبات التنفيذ خلال التسعة الأشهر الماضية بلغ 69 ألف طلب بمبلغ إجمالي قدره 26 مليارا و400 مليون ريال. من جانب آخر، أكد وكيل الوزارة المساعد لشؤون المحاكم والمدير العام للشؤون الإدارية والمالية بوزارة العدل محمد بن عبدالله العقيل أن القضاء يشهد نقلة نوعية في منظومة القضاء بقيادة وزير العدل الدكتور محمد العيسى، مبيناً أن افتتاح المحاكم الشرعية المتخصصة يضيف لبنة مميزة إلى صرح العدالة الشامخ تحت القيادة الحكيمة. وأشار إلى أن إدارة الشؤون المالية والإدارية وضعت الخطط المناسبة لتنفيذ آلية نظام القضاء بعد صدوره بالتنسيق مع المجلس الأعلى للقضاء ووزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية، حيث تم تنسيق تشكيلات وظيفية للمحاكم العامة والاستئناف والمتخصصة وإحداث الوظائف المناسبة لها. وأكد العقيل أنه بتوجيه من وزير العدل تم طرح مسابقتين وظيفتين من المراتب السادسة فما دون، وتم تعيين أكثر من 3700 موظف، كما تم اعتماد عدد من البرامج التدريبية سواء برامج متخصصة أو غيرها لمن هم على رأس العمل لزيادة إنتاجيتهم ورفع كفاءاتهم، مبيناً أن وزارة العدل قامت خلال الفترة الماضية بتجهيز وتأثيث مقرات المحاكم وتهيئتها وإبرام عدد من عقود الصيانة التشغيل والتجهيز والتأثيث لهذه المباني. ولفت العقيل إلى أنه تم طرح 115 مبنى لمحاكم وكتابات عدل وفق مواصفات وتصاميم خاصة في جميع مناطق ومحافظات المملكة وذلك بعد توفير الأراضي المناسبة، مؤكداً أن بعضها تمت عملية تسلمها والباقي تحت إجراءات الترسية. وكشف أمين لجنة متابعة تنفيذ نظام القضاء بالمجلس الأعلى للقضاء الدكتور مشعل العسكرعن انتهاء اللجنة من قطع شوط كبير فيما يتعلق بمحاكم الاستئناف والمحاكم المتخصصة في محاكم الدرجة الأولى. ونوه بما تم إنجازه رغم عظم المسؤولية، وثقل الأمانة الملقاة على جهتي الإشراف على القضاء، وهما (المجلس الأعلى للقضاء، ووزارة العدل) لتحقيق ما أراده المقام الكريم من وراء هذه النقلة الكبيرة لتطوير مرفق القضاء. ولفت إلى قرار وزير العدل المتضمن تشكيل لجنة تتولى إعداد التوصيات اللازمة لتنفيذ بنود آلية العمل التنفيذية لنظام القضاء ودراسة احتياج المحاكم من القضاة وأعوانهم، وإعداد التصورات اللازمة لذلك. مشيرا إلى أنه قد بدأ العمل في تنفيذ الآلية إثر صدور نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية المعدلين. مشيرا إلى أن المحاكم العمالية ستقوم بإنشاء مكاتب للصلح للنظر بإجراء المصالحة بين أطراف الدعاوى المرفوعة للمحاكم والدوائر العمالية، ويتم تحديد قواعد المصالحة وإجراءاتها من قِبل وكالة وزارة العدل لشؤون الصلح والتحكيم قبل مباشرة المحاكم والدوائر العمالية اختصاصاتها بمدة كافية. قال وزير العدل الدكتور محمد العيسى إن المؤشر العقاري التابع للوزارة كشف قضايا فساد مالي في صفقات عقارية وهمية بملايين الريالات، مشيراً إلى أن بعض هذه الصفقات تتضاعف قيمتها إلى 30 ضعفاً في مدة وجيزة، ما يؤكد أنها تحتوي على عمليات غسيل أموال. وأضاف العيسى أن «نظام المؤشر العقاري يشهد تطوراً كبيراً، إذ إنه يوضح الفوارق في الصفقات، كما يعطي نسبا مئوية لها، وهذا التطور ساعده على اكتشاف الصفقات الوهمية، من خلال إحصاءات الصفقات العقارية المتداولة بشكل يومي في جميع أنحاء مدن المملكة». وأضاف «يتم التعامل مع أي صفقات وهمية، وفق أحكام النظام، والمخالفات التي تتجاوز صلاحيات وزارة العدل، يتم تحويلها إلى الجهات المختصة». وقال: «نحن وزارة عدل، ولدينا قاعدة معلومات، وأكثر من ذلك لا نتدخل فيه ونزود الجهات المعنية عند الاقتضاء».