تسريحات يحبها الرجل، كيف تسعدين زوجك؟ المطبخ وقلب الرجل؟ هكذا عناوين تتكرر في المواقع والمجلات والتلفاز والإعلانات التدريبية.. ولم أجد فيما بينها مثل.. كيف تسعد زوجتك؟ أو الطريق لقلب شريكتك؟ أو كيف تتفهم حواء؟. لطالما عومل جسد المرأة ووظف لخدمة الرجل على مر العصور وفي كل المجتمعات، استخدم لتشجيع الرجال في الحروب وللإشباع الجنسي للمقاتلين وتحفيزهم، وحتى على الملاعب الرياضية كمشجعات أصبحت صور جسدها أكثر من صور اللاعبين أنفسهم. كأس العالم الفائت، صور العري الفاضح، صور جواري (داعش)، وزواج النكاح كلها صور تستغل المرأة الجسد. كالطاووس الذي ينفش ريشه للاستعراض وكالضفدع الذي يدوي نقيقه لاجتذاب الإناث هو كذلك الرجل ينفش ريشه كلما رأى أنثى أياً كان جمالها أو عمرها أو حتى حجابها. والحديث عن (المزز) في المسلسلات الرمضانية والتعليق عليهن والتندر بجمالهن وفتنتهن حديث طبيعي في مجالس الرجال المملوءة بالإيحاءات حتى ليرفض الأب إحضار ابنه الصغير معه المجالس لكي لا يستمع لمثل هذا الكلام. يتكرّس هذا في اللاوعي للمرأة قبل الرجل وتقيّم نفسها كجسد محض وتظن أنه مهارتها الوحيدة التي تمتلكها والهبة الوحيدة، ومع تعاظم استخدامه واستغلاله أعني الجسد استحسنت بعض النساء هذا الدور وأجدنه بحيث إنهن انشغلن بعمليات التجميل والشفط وعرض الجسد وصببن اهتمامهن بكل شيء يرتبط به من أدوات وملابس وزينة حتى ملن عن التفكير في تنمية الفكر والروح والإنتاج. ومن جانب آخر ديس عليه في الصراعات الدموية من جهة واستخدم أحياناً كجهاز للإنجاب فقط و دون رضاها وعلى حساب صحتها وحياتها، وتارة يعضلها والدها للاستفادة من راتبها الشهري الذي تجنيه بكدها وتعبها. وما يدمي القلب يبيعها جارية صغيرة لم تتفتق للحياة لزوج مسن بثمن بخس ومهر مشبوه. بل الأسوأ من ذلك أصبحت قيمتها بالمقاسات المترية – وسوق الزواج – كما يحلو للبعض تسميته رهين بسنتمتر هنا وآخر هناك وشعر أجعد أو ضرس أعوج. وقد يحالفها الحظ (فيقوم سوقها) وتتوافق تلك الصفات الجسدية بخطوط الموضة العالمية، فيحن قلب خاطبة ويخفق قلب خطيب لمشابهتها بالعارضة أو الممثلة الفلانية. وتأتي المصيبة أعظم عندما يتعزز كل هذا بملكية الرجل القانونية والمؤطرة بنظم تمكن الرجل من استغلالها أكثر فأكثر كالولاية والوصاية ومفهومهما الفضفاض الذي يمكن الرجل من السيطرة على أبسط حقوق المرأة الإنسانية. ولأنها عاشت سنين الجواري واعتادت البيع في سوق النخاسة فجلّ ما تظن أنها تملكه هو ذاك المسمّى بالجسد. حتى من أردن التحرر من هكذا مفهوم أخطأن استخدام الوسيلة ووقعن في نفس المحظور وشربن من نفس الكوز، كجماعة (فيمن) اللواتي كرسن هذا الجسد العاري للفت الانتباه إلى بعض القضايا العادلة ولم تملك الجارية سوى الجسد. تعيش المرأة حالة صراع مع جسدها وهويته. هل تستخدمه كأداة أم وسيلة أم غاية؟ وهل به تتحصل على حقوقها أم تنتهك؟ وهل هو نعمة أم نقمة؟ ستسيتقظ المرأة من هذا الكابوس وستكتشف طاقاتها وتمشي في دروب الإنتاج البشري والرقي العالمي عندما تخلع ثوب الجسد المزركش وترقى بالفكر والروح والعقل فبهذه لن يستطيع أحد أن يبيعها في سوق النخاسة وبها تنتزع المرأة حقوقها وتثبت وجودها ككائن إنساني مستقل.