158 مخالفة مرورية – قطع إشارة حمراء – عمدا سجلتها المنطقة الشرقية في يوم واحد. مع العلم إن هذه المنطقة تعد من أكثر مناطق المملكة وعياً وتعليماً وتنمية وتطوراً. هذا الأمر يأخذنا لسؤال مركب من ثنائيتين: هل فشلت جميع الإجراءات المرورية في الحد من الازدياد المطرد للمخالفات المرورية؟ وهل فشلت الجهة المنوط بها تثقيف وتوعية من يمارس هذه المخالفات حول الخطر المترتب على مثل هذه المخالفة المرورية ودور تجاوز الإشارة الحمراء في حصد مزيد من الأرواح؟ هذا الرقم الذي طالعناه بأعلى المقال مع إضافة جملة ما يمارس من مخالفات في باقي مناطق الوطن أعتقد بأنها تحمل الإجابة الشافية لما مورس أعلاه من تساؤل. إذ إن هذه المخالفات تعطينا مؤشراً بأن نظام الجزاءات المرورية المطبق حالياً قد فشل في تحقيق أهدافه. وفي تقديري أن هذا الأمر متوقع ومنذ أمد. ولسبب بسيط جداً. إذ إنه كان المفترض ومنذ البدء أن يتم تشكيل حملة تثقيف وتوعية عامة تتسم بالتكثيف والتركيز وتشارك فيها مختلف الجهات المعنية بالسلامة وتوجه لكل من يملك مركبة حيث يتم توعيته بأن الالتزام بالقوانين المنظمة للسير يمثل دلالتين رئيستين. إحداهما أن هذا الشخص الذي يلتزم بالقوانين المنظمة للسير هو من الأكثر حضارية ووعياً كما أنه يمثل الأنموذج الأمثل للمواطن السعودي المتميز في ممارساته الاجتماعية والحياتية. أما الأمر الآخر، فهو عملية التوعية التي ينبغي أن تنصب على تبيان أن ممارسة أي مخالفة مرورية خاصة تلك المتعلقة بقطع الإشارة أو السرعة المفرطة تشكل مشروع موت. سواء لك أو عليك. بمعنى آخر أي أنك أيها الشخص سواء أكنت أنت من مارس هذه المخالفة أو قارفها صاحب مركبة أخرى، فمن المحتمل وبدرجة عالية بأنك ستتعرض لحادث طالما صادف حظك أن تكون أنت في منطقة ارتكاب هذه المخالفة المرورية. إن ماجرى في المنطقة الشرقية من مخالفات سير وما يجري في غيرها من مناطق وطننا – التي ربما يكون عددها أكبر ولكن لم تظهر إعلامياً – هو أمر يزودنا بحقيقة أخرى وهي أن المؤسسة التربوية – ممثلة بوزارة التربية والتعليم – قد فشلت هي أيضاً في القيام بدورها التربوي المنوط بها في مجال التوعية والتربية بخصوص احترام قوانين السير وإجراءاته المنظمة له. وفي تقديري مرد ذلك إلى أنها ربما قد ركزت على عملية التعليم ونسيت أو تناست عملية التربية التي هي الأساس في رقي وتقدم البلدان. إن كثرة واستمرارية هذه المخالفات وكذلك الازدياد المطرد في الحوادث التي تحصد مزيداً من شبابنا الذين هم في مثل عمر الورد هو أمر كارثي بكل ما تحمله المفردة من دلالة وهو يعطينا مؤشراً بأن نظام الجزاءات المرورية ونظام المراقبة الإلكترونية – ساهر – قد فشلا في تحقيق الأهداف المتوخاة من إنشائهما. وأعني بذلك الحد من الحوادث المرورية والمحافظة بعون الله على حياة وأنفس مواطنينا. وعليه فينبغي علينا الآن التفكير بجدية في البحث وإيجاد آلية جديدة تسهم في إيجاد معالجة جذرية لهذه المعضلة التي تجاوزت كل ما هو طبيعي وكل ما هو مقبول.