المرور مشكلة العصر، مشكلة توليها الدول المتحضرة كل اهتمامها وتبذل جهوداً من أجل حلها كل الجهود ولكن المشكلة مع هذا تتفاقم سواء في دول العالم أو في بلادنا العزيزة. فالدراسات التي تجرى لا تلاحق التطور السريع للمشكلة التي استعصى حلها وأصبحت شغل العالم الشاغل اليوم فآلة السيارة التي أنتجها العلماء من أجل خير الإنسان وسعادته ورفاهيته تحوّلت وبكل أسف إلى سلاح مخيف يفتك بالبشرية فتكاً، فماذا حدث؟ وماذا صنعنا بالسيارة التي أصبحت اليوم من مستلزمات الحياة العصرية فلقد حوّلناها إلى غول يفتك بنا فتكاً فهل هذا الفتك ناتج عن نقص في جهود شرطة المرور أو نقصاً في الوعي بين الناس في قيادة السيارة أو عدم احترام قوانين المرور. إن ما يحدث من ضحايا سوى في العالم أو في بلادنا الطاهرة شيء مخيف فقد تحوّلت هذه السيارة من وسيلة من أجل سعادة ورفاهية الإنسان تحوّلت إلى شقاء وتعاسة للإنسان. لذا فإن ناقوس الخطر يدق فالإحصاءات تقول: إن ضحايا حوادث السيارات في المدن الرئيسية من بلادنا العزيزة يرتفع ارتفاعاً مخيفاً يوماً بعد يوم على الرغم من وجود شوارع وطرق فسيحة وكل ما توصل إليه العلم الحديث قد سخر في خدمة السيارة وركابها ونجد وراء هذا كله رجالاً واصلوا ليلهم بنهارهم من أجل المحافظة على أرواح راكبي السيارة وتأمين سلامة كل من يسير وما يسير على هذه الطرق والتي تحوّلت إلى شبكة هائلة تربط ما بين المدن وشبكة إشارات المرور على الشوارع والطرق الفسيحة قد سخرت كل هذه الخدمات المرورية شأنها في ذلك شأن بقية الدول المتحضرة وكل ما توصل إليه العلم من أجل سلامة الإنسان ولكن السؤال الذي يطرح: هل تعلمنا كيف نصون أرواحنا؟ وهل شرطة المرور تعمل بإخلاص لصون أرواح الناس؟ ولكن بنظرة إلى حوادث المرور في المدن الرئيسية من مدن بلادنا وبلغة الأرقام، نجد أنه في عام 1432ه بلغ عدد الحوادث المرورية في المدن الرئيسية بالمملكة بلغ حوالي 1544174 حادث وبلغ عدد الأشخاص المصابين في الحوادث المرورية في نفس العام 39160 وبلغ عدد الوفيات حوالي 7153 في نفس العام مصدر هذه المعلومات من إدارة الإحصاءات بالمرور بالرياض، فلا شك أن هذه الأرقام مخيفة وهي في كل عام في ازدياد. قد يقول قائل: بسبب الاختناقات وكثرة السيارات بلاضافة لعدم وجود مواصلات أرضية إلا السيارات فقط وبذلك نشأت كثافة في المركبات في هذه الحالة الاستثنائية لهذا السبب قد لا يكفي أن تكون سائقاً ماهراً ولا يكفي أن تمتلك سيارة فارهة ولكن المهم أن نتعلم كيف نحافظ على حياتنا وعلى حياة الناس ونحترم قواعد المرور من أجل الحفاظ على حياتنا وحياة الآخرين وبأن نكون مدركين لأنظمة وقواعد المرور فمن أجل إظهار هذا المظهر الحضاري لا بد من إيجاد برامج للتوعية المرورية وكيفية استخدام هذه المركبة والالتزام بالنظام حتى يظهر الناس بالمظهر الحضاري باستخدام هذه الوسيلة الحضارية لهذه المركبات والتي لم توجد إلا من أجل رفاهية وسعادة البشر. فالتوعية المرورية إحدى الأدوات المهمة في مواجهة الحوادث المرورية التي أصبحت تمثل هاجساً مقلقاً للمجتمع بأكمله والتي تنجم بالأساس عن عدم الالتزام بالقواعد المرورية المتبعة من قبل بعض سائقي المركبات فمن هذا المنطلق نرجو من وزارة الداخلية الموقرة ولا نشك في جهودها في هذا المجال لكن نود أن تكثف هذه الجهود في هذا المجال وأن تطلق شعاراً توعوياً (سلامة البشر مسؤوليتنا) وتقوم بتنفيذه من أجل الوطن وسلامة المواطن والمقيم، وتستمر بهذا البرنامج التوعوي طوال العام في حشد سائقي المركبات بالقيادة الواعية والمتمثل في التزام الناس من خلال تعزيز الإدراك بأهمية السلامة المرورية بين شرائح المجتمع كافة بالإضافة إلى تفعيل الضبط المروري لقائدي المركبات من خلال أدوات الضبط على الإشارات في كافة المدن والأحياء وتكثيف دوريات المرور على الطرق والشوارع ووضع لوائح للعقوبات والتي منها وضع نقاط للمخالفات من قبل سائق المركبات فإذا تجاوز المخالف هذه النقاط المحددة تسحب منه الرخصة لقيادة المركبة والشخص الذي يضع على لوحات مركبته ما يخفي الرقم تصدر بحقه العقوبة وحتى نحمي المواطن من الظلم ربما يحصل من رجال المرور لا بد من أن تنشأ محكمة مرورية وبذلك تكرّس حقيقة مهمة أن السلامة المرورية مسؤولية مجتمعية يشارك في تحقيقها جميع أطراف المعادلة المرورية دون استثناء. إن اهتمام وزارة الداخلية بتوعية مستخدمي الطرق يعد أمراً مهماً في مواجهة الاختناقات والمخالفات والحوادث المرورية خاصة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن أغلب المخالفات التي يرتكبها بعض سائقي المركبات يمكن تجنبها مثل قطع الإشارة والتجاوز والسير على الخط الأصفر المخصص للطوارئ، وعكس السير والسرعة واستخدام الجوال أثناء السير، وهو الأمر الذي يؤدي إلى وقوع الحوادث الخطيرة وهذا ما تكشفه لنا نسب الإحصائيات المرورية الرسمية، فالتوعية المرورية جانب مهم ورئيسي في أية مواجهة بأن تكون هناك جهود فاعلة لحل مشلكة المخالفات والحوادث المرورية والاختناقات لأن المشكلة لا تتعلق بالأطر التنظيمية والتشريعية التي تحدد القواعد واللوائح المرورية وإنما تعكس بالأساس الثقافة المرورية وما يترتب عليها من تكلفة اقتصادية واجتماعية مرتفعة والأهم من ذلك إزهاق أرواح برئية يصل تأثيرها إلى جميع أفراد المجتمع.. ولذلك المطلوب إزالة هذه الفوضى المرورية المرعبة والتي يثيرها الذين يفقدون الإحساس بالمسئولية، وينبغي على المسؤولين عن السلامة المرورية تحقيق السلامة المرورية في محاورها الثلاثة في العنصر البشري، والمركبة، والطريق، من خلال استراتيجية شاملة تضمن العمل على تطيبق مبادئ تدقيق السلامة المرورية على مشاريع الطرق وتطوير الممارسات حسب أفضل الممارسات لجميع فئات مستخدمي المركبات في الطرق والوصول إلى أفضل معدلات الاستجابة للحوادث المرورية وتكثيف برامج التوعية لمستخدمي الطرق من سائقي المركبات بالتعاون مع إدارة المرور والدوريات بجميع المقاطعات والمحافظات من البلاد وإدارة الشئون الفنية والإعلام الأمني تحت شعارات مختلفة لتوعية المواطنين والمقيمين والسائقين الوافدين من أجل تكريس الوعي بأساسيات السلامة المرورية والعمل على إيجاد بيئة مرورية آمنة تعكس الوجه الحضاري لبلادنا وحركة التطور التي نشهدها في مختلف المجالات. فهل سوف يأتي اليوم الذي نرى بلادنا بدون اختناقات وحوادث ومخالفات مرورية. [email protected] جامعة المجمعة - كلية التربية - [email protected]