- بات إقليم كردستان العراق في مرمى نيران تنظيم داعش، بعد سقوط مدن خاضعة لسيطرة الأكراد لا تفصلها عن حدود الإقليم غير كيلومترات. فهل يرجع ذلك إلى تفوق داعش عسكريا على قوات البشمركة، أم أن هناك تفسيرات أخرى للأمر؟ يعد انسحاب القوات الكردية من المناطق التي استماتوا للسيطرة عليها صدمة كبيرة، خصوصا أن الأكراد انتقدوا كثيرا الجيش العراقي لانسحابه المذل من الموصل في التاسع من يونيو الماضي. ويرى محللون أن التنظيم الذي يحاول التقدم إلى بغداد، غير وجهته إلى الشمال للاستيلاء على المناطق التي سيطر عليها الأكراد بعد أن عجز عن تحقيق تقدم باتجاه الجنوب. فيما رأى آخرون أن المنطقة الغنية القريبة من الحدود السورية والتركية تشكل موقعا استراتيجيا مهما لتعزيز اقتصاد التنظيم الذي يزداد توسعا. وخسرت قوات البيشمركه خلال اليومين الماضين أهم المدن الخاضعة لسيطرتها في محافظة نينوى وهما زمار وسنجار التي تقطنها الأقلية الإيزيدية. وتمتاز زمار بالآبار النفطية المنتجة ووجود سد الموصل العملاق على أراضيها، وهي مجاورة لمدينة دهوك الكردية، فيما تأتي أهمية سنجار لوقوعها على الحدود العراقية السورية. وقال المحلل إحسان الشمري لوكالة فرانس برس إنه ''نتيجة لعدم تقدم داعش في المحافظات الجنوبية ووقف زحفها، استدارت على إقليم كردستان سعيا لمكسب جديد وجعلت كردستان هدفها لها''. وأضاف أن ''الأكراد كان لديهم غرور أكثر من اللازم ويعتقدون أن لديهم قدرة خرافية جاءت نتيجة خبرتهم في قتال الجيش العراقي في السابق، لكنهم اليوم أصبحوا في مرمى نيران داعش''. وتابع ''اعتقد أن هزيمة الأكراد نتيجة طبيعية لأن تنظيم الدولة الإسلامية مدرب على حرب شوارع، الأمر الذي تفتقده قوات البيشمركه''. هجوم داعش استباقي وعلى الرغم من المناوشات التي تجري بين فترة وأخرى بين داعش وقوات البيشمركه، إلا أن الجانبين بقيا على طرفي خطوط التماس، وبنت قوات البيشمركه خطوطا دفاعية على مدى الأسابيع الماضية. وتعرض الجيش العراقي الذي انسحب من الموصل لحملة انتقادات وسخرية واسعة من قبل قوات البيشمركه التي وقفت متفرجة على انهيار قطاعات الجيش العراقي في الموصل. ولم يجر أي تنسيق بين بغداد واربيل على أرض الواقع لمحاربة داعش، حيث ركزت قوات البيشمركه على تعزيز نفوذها في المناطق المتنازع عليها، فيما بقيت بغداد تصد تقدم التنظيم تجاه بغداد. ورأى اسوس هردي، مسؤول مؤسسة آوينه الإعلامية، أن توجه داعش لمهاجمة إقليم كردستان يعود لعدة أسباب أولها توسيع حدودها مع سورياوتركيا لتنشيط حركتها الاقتصادية. حسب "المرصد". وقال كذلك إن ''داعش تدرك أن هناك خطة كردية شيعية سنية بمساندة أمريكية لطردهم من الموصل والمناطق الأخرى''. وأوضح أن ''عناصر داعش قاموا بخطوة استباقية، لإفشال هذه الخطة وإنهائها قبل أن تجري على أرض الواقع''. كما اعتبر أن ''بسط داعش نفوذها على المناطق الحدودية بين تركياوالعراقوسوريا، لا يتحقق إلا بمزيد من التوسع على حساب المناطق الكردية التي تحتوي على آبار نفطية''. ويسود جو من الحزن في مدن إقليم كردستان العراق، بعد انسحابات البيشمركه الأخيرة. ورقة للضغط على واشنطن؟ هوشنك محمد وهو سائق سيارة أجرة قال لفرانس برس ''نشعر بألم وحزن مما جرى، واخشى أن يتعرض الأكراد والإيزيديين إلى القتل على يد المتطرفين''. وأضاف ''إن لدى البيشمركه تاريخا طويلا من النضال ولن يستسلموا ببساطة، ونحن على ثقة أنهم سيستعيدون المناطق التي فقدوها''. لكن مراقبين يرون أن انسحاب البيشمركه هو عملية تكتيكية من أجل الضغط على الولاياتالمتحدة لتزويد الأكراد بالسلاح الذي يشترونه حاليا من السوق السوداء. وبعث إقليم كردستان في الآونة الأخيرة بعدة وفود إلى واشنطن لطلب السلاح الثقيل لمواجهة الجهاديين، لكن ذلك لا يمكن أن يحصل دون موافقة بغداد. وكان الإقليم شكل عقبة كبيرة أمام بغداد بعد رفض اربيل بشدة صفقة تجهيز العراق بطائرات إف 16 الأمريكية، التي تواصل واشنطن تأجيل تسليمها إلى بغداد على الرغم من دفع كامل ثمنها .