لترسيخ قيمة دينية أو أخلاقية بالمجتمع ستجد أن الإحسان هو العمود الأساسي لهيكلة الأخلاق فإن سقط ذبلت بقيتها بما فيها العطاء وغيره. فركيزة العطاء تتمحور حول احترام مشاعر الآخرين بالإحسان إليها قبل إكرام حياتهم.. فبعض العطاء يجرح المشاعر دون علم، وبعض المباهاة بالعطاءات، تهين كرامة المحتاج دون رأفة. فالعطاء بالإحسان ماديا لا يلغي الإحسان معنويا. ربما كثرت الأيدي المعطاءة وقل إحسانها وقد يتباهى كثير بما يعطون فيقعون في الشرك بلا علم. قد لا نوفق في العطاء بإحسان فنسيء بلا قصد لمن بحق نتوق لمساعدتهم، فالتفضل عليهم وإشعارهم بحاجتهم لم يكن أسلوبا للعطاء وليس من الإنسانية أن تتفاخر بما أعطيتهم، فالإحسان بالعطاء حق لا يمكن تجاهله فهو يحترم فقر المرء وحاجته قبل إكرامه.. أما إن كان العطاء بدافع الشهرة أو البحث عن مكانة عند الناس نطمح لنيلها فمن الأفضل أن نتركهم لخالق يكرمهم كيفما يشاء. تبقى ثمة عطاءات لا تجرح مشاعر ولا تثير شفقة أحدهم، بعيدة عن توثيقها بكاميرا أو بثها برسائل فهي تتجلى بالعطاء المعنوي وقد تكون من خلال ابتسامة، اهتمام صادق، كلمات رقيقة، مشاعر صادقة تجاه أحدهم، مشاركة الغير أحزانهم وأفراحهم. للعطاء لذة لا تقتصر فقط على البذل المادي. إشادة .. للعطاء ثقافة ولمن اتخذها أسلوبا لحياته كان لزاما عليه أن يفهمها.