هذا المقال لا يمثلني، ولا يمثل أي مسؤول سعودي. من خاف سَلِم، ورُب كلمة قالت لصاحبها دعني. ما ترونه هنا هو نتاج مبادرات كتابية متعددة تم حذفها أو تعديلها أو تنقيحها حتى وصلت إليكم كما ترونها الآن. بدأنا باسم الله والصلاة على رسول الله، اللهم اجعل مقالنا برداً وسلاماً ولا تجعله حرباً ولا خصاماً. واكفِنا شر المترصدين والفضوليين المتربصين. تعري الكتابة صاحبها فتظهر تناسق أفكاره ونقاوتها، أو ضعفه وسطحيته، فمنها يمكنك التوغل في عمق ثقافته واطلاعه، وتتبع صدق معلوماته، ورصدها عليه إيجاباً أو سلباً كشاهد يتذكره الزمن. لهذا فكثير من المسؤولين يتهرب من الكتابة حتى في مجالهم المهني، وبعضهم امتنع أو حجم المشاركة في برامج التواصل الاجتماعي الخاص أو العام لأنها تحولت عبئاً يضاف على أعبائهم عندما تكون الكلمة مرصودة والعبارات مصورة. كما قد يتجنبون الظهور الإعلامي فهو سلاح ذو حدين بين الشهرة وبين الإساءة له وإحراجه وموقعه المهني. عندما درست الإدارة كانت من أكثر الجمل التي كررت علينا أن سلوكيات وتصرفات المسؤول محسوبة، وأن للمنصب هيبة، وأن من يطمح إلى المناصب العلى فعليه الاهتمام بصورته ومكانته ورغباته منذ تنشئته، ليس هذا فحسب وإنما حتى من يرتبط معه بقرابة أو نسب وصداقة وجيرة لسابع جار، لأن سمعة المسؤول رصيده، والفضول أو الترصد لإسقاطه سيجعلهم ينبشون في سيرته وحياته ومن يحيط به. في ظل تطور وسائل التواصل تصعب معادلة نشر الكلمة إعلامياً، بين الكلمة المسؤولة والتلقائية في الطرح، التي يتوقع أن يتحلى الكاتب بها في كتابته التي تعبر عن هويته قبل ارتباطه بالمسؤولية المهنية. الكاتب المسؤول من الصعب أن ينتقد مؤسسته التي ينتمي إليها، رغم أنه الأعرف بمشكلاتها وعيوبها، ولربما لديه القدرة على التفكير خارج الصندوق لاقتراحات تحسن أداء مجاله المهني. ولكن قد يفسر ذلك بأنه إفشاء للأسرار المهنية وتجاوز للصلاحيات الوظيفية وتعرية لسلبيات مؤسسته، عندما تخرج الأطروحة الفكرية من السجلات إلى الإعلام. كما أنه لسمعته الوظيفية من المحرج أن يتطرق إلى التابو الثلاثي (الجنس والدين والسياسة) المشوق والجاذب للقراء، والذي يُرضي غروره في الانتشار الإعلامي. لذلك قد يعاني المسؤول المفكر من صراعات داخلية بين شخصه وطبيعته وبين حجم مسؤوليته. بين شخصيته التي لا تختلف عن طبيعة أي إنسان يتوق إلى المرح ويسعد بالمغامرات وله هفواته ولحظات ضعفه، وبين الشخصية المتزنة العاقلة محسوبة الكلمات والتصرفات والمثالية بظهورها الاجتماعي. فكيف عندما يقيد ذلك بحرية فكره وما يكتبه والقلق من عدم الترصد عليه بما يسيء إليه، فيسجن فكره الحر كما يُسجن طائر جميل داخل سياج قفص ذهبي، هي ضريبة الاختيار بين الانطلاق والحرية وبين السلطة والرفاهية. لذا فليس من المستغرب أن تكون لبعض المسؤولين مغامرات كتابية، أدبية، شعرية، نثرية عبثت فيها أفكارهم كخيل جامح عاشوا فيها شخصياتهم الحقيقية باسم مستعار. بينما لبس اسمهم الحقيقي شخصيتهم المستعارة، التي تضيق كلما علت المناصب وزادت المسؤوليات.