تنفرد أيام وليالي شهر رمضان المبارك في منطقة الباحة بعديد من المظاهر التي لا تكون إلا فيه، إذ تتسم مدن ومحافظات المنطقة بالحركة التي لا تهدأ طيلة اليوم، فما أن يطل شهر الخير والبركة والعطاء بأيامه ولياليه حتى تتحول الحياة في مختلف أنحاء المنطقة إلى روحانية تسمو وترتقي بها الأنفس عن متاع الحياة. وتبرُز تلك المظاهر الرمضانية في منطقة الباحة بانتشار البسطات في مختلف أسواق وطرق المنطقة، حاملة معها أنواعاً وأصنافاً من الأكلات، والخضار، والعصائر التي تشهد إقبالاً منقطع النظير من الأهالي والزوار كونها تقدم منتجاتها بأسعار منافسة وبجودة عالية، فضلاً عن إشراف وإنتاج الأسر المنتجة لغالبية هذه الأكلات التي جعلت من شهر رمضان المبارك موسماً لبيع مصنوعاتها. وتشهدُ المنطقة وقراها ومتنزهاتها وشوارعها في شهر الخير عديداً من المخيمات الرمضانية متنوعة الأغراض، التي تُعد جزءاً من المظاهر الرمضانية في المنطقة؛ إذ خُصصت تلك المخيمات لإفطار الصائمين الذين يمثلون جنسيات عدة؛ ما يعكس صورة واقعية للإسلام بصفته دين الرحمة والعطاء، علاوة على ما تقدمه من الدروس والمواعظ وتوزيع النشرات التوعوية التي ينتج منها عادة دخول عديد من الجاليات غير المسلمة في الإسلام. وتشَكلُ الدورات الرياضية الرمضانية جزءاً آخر من مظاهر الشهر الكريم في المنطقة؛ إذ لا تكاد تخلو قرية من دورة رياضية لأبنائها، سواء في كرة القدم أو الطائرة أو التنس، أو في باقي الألعاب الأخرى التي تزيد من وشائج المحبة والإخاء بين أفراد القرية، بينما تنشط عديد من لجان التنمية الاجتماعية والأندية الرياضية في تنظيم دورات أخرى، تكون شاملة مختلف قرى ومحافظات المنطقة ومراكزها. وتكتظ أسواق منطقة الباحة بمرتاديها الذين يفِدون إليها في مختلف الأوقات، فأسواق الخضار والفواكه ومحال الحلويات والمطاعم تستقبل يومياً من بعد صلاة العصر حتى أذان المغرب أعداداً كبيرة من الأهالي، فيما تستقبلهم الأسواق المركزية والأسواق الشعبية ومحال بيع الملابس والعطورات والإكسسوارات وغيرها في الفترة المسائية التي تبدأ من بعد صلاة التراويح حتى الساعات الأولى من الصباح. وتحظى مبيعات التمور واللحوم ومنتجات الدقيق بنصيب الأسد بين مختلف المبيعات؛ إذ يحرص الأهالي على شراء أنواع متعددة من التمور والرطب، وكذا اللحوم والدقيق لاستخدامها في عديد من الأطباق الرمضانية التي تمتاز بها المنطقة، مثل الخبزة والمرق والقرصان والمخاويض والمشاريق التي يصحبها اللبن والسمن والقهوة والقشر، فضلاً عن الأكلات الأخرى، ومن بينها السمبوسة والشوربة واللقيمات وكيكة الدخن بالتمر وغيرها. وتَنشطُ في شهر الخير المؤسسات الخيرية لتُشارك ببرامجها المتنوعة بدءاً بتنظيم المحاضرات التوعوية الدينية بشقيها الرجالي والنسائي، ومروراً بإعانة المعوزين والفقراء ومد يدِ الحنان لهم عبر سلالٍ غذائية متنوعة، وصرف مبالغ نقدية تعينهم على صيام وقيام شهر رمضان المبارك، إلى جانب رعايتهم إلى آخر يومٍ في شهر الخير؛ لتبدأ مرحلة جديدة من العطاء والرعاية تشمل كسوة العيد؛ لتكتمل بذلك أفراحهم، وترتسم البسمة على محيا الجميع.