«إسرائيل أنهت بالفعل استعداداتها لشن الهجوم علي إيران، بينما الاستعدادات جارية لمواجهة حزب الله أيضا».. لا حديث هنا في واشنطن طيلة الأسبوع الماضي، خارج هذا الموضوع. مقال قصير في صحيفة الواشنطن بوست أطلق شرارة الجدل وأحرج المسؤولين في أمريكا، فكرته الأساسية: أن الولاياتالمتحدة وافقت أخيرا علي تنفيذ إسرائيل تهديداتها بتوجيه ضربة عسكرية إلي المنشآت النووية الإيرانية. لم ينف وزير الدفاع الأمريكي «ليون بانيتا» ما جاء في المقال، ولا الدبلوماسي الأمريكي المخضرم «دينيس روس» وثيق الصلة بالحكومة الإسرائيلية، حين سألتهما صحيفة (الديلي تليغراف) البريطانية عما جاء في الواشنطن بوست. «بانيتا» لم يحدد موعدا لهذه الضربة المرتقبة لإيران واكتفي بالقول «خلال أشهر»، أما «روس» فقد قال «إن اسرائيل قد تشن هذا الهجوم خلال مدة أقصاها تسعة أشهر بهدف تأخير حصول إيران على السلاح النووي». أكثر مسؤول أمريكي تأييدا لهذه الضربة هو «ليون بانيتا»، وقد تابعت تحركاته شخصيا طيلة السنوات الماضية، فقد زار اسرائيل في أكتوبر الماضي 2011 بعد أن نجح بصعوبة في اقناع الجميع هنا في الولاياتالمتحدة، من الديمقراطي «جون كيري» إلي الجمهوري «جون ماكين» بتوجيه ضربة عسكرية خاطفة ضد إيران. المباحثات بين «بانيتا» ونظيره وزير الدفاع الإسرائيلي «إيهود باراك» تناولت «الثورات في العالم العربي» والبرنامج النووي الإيراني، وهي تستكمل في الواقع (خطة الحرب) التي ناقشها «باراك» مع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) الجنرال «ديفيد بترايوس»، في واشنطن من قبل. أما شهر سبتمبر الماضي 2011 فقد شهد نقاشات مكثفة في الدوائر الاستخباراتية والجيش الإسرائيلي حول كيفية شن ضربة عسكرية ضد «المنشآت النووية الإيرانية»... محورها هذا السؤال: هل الولاياتالمتحدة (تؤيد) شن إسرائيل لهذا الهجوم ضد إيران أم لا؟ خاصة أنها ظلت لسنوات تعارض رغبة إسرائيل من عام 2007 حتي عام 2011 .... مع «التأكد» من استعداد القوات العسكرية الأمريكية للمشاركة في الهجوم المتوقع علي إيران، إذا اقتضي الأمر، أو بالأحري: إذا ما أسفرت الضربة الأولي عن توسيع نطاق الحرب في منطقة الشرق الأوسط. ثبوت تهمة اغتيال سفير المملكة العربية السعودية «عادل الجبير»، ومحاولة تفجير مقرّي السفارتين السعودية والإسرائيلية في العاصمة الأمريكية، معناه إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لبدء الهجوم علي إيران في غضون الشهور المقبلة. ناهيك عن أن هذه التهمة الخطيرة:(ارتكاب عمل إرهابي دولي) واستخدام سلاح دمار شامل (متفجرات)، تعزل إيران دوليا وتجيش العالم ضدها استعدادا للحرب الوشيكة، باعتبارها تشكل (أخطر) تهديد للأمن والسلم في العالم، كما قال «ستيفن هاربر» رئيس الوزراء الكندي. الأهم من ذلك أن (محاولة اغتيال السفير السعودي) علي الأراضي الأمريكية، وانتهاك الاتفاقيات الدولية (اتفاقية فيينا) خاصة قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1373)، تدحض مزاعم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد: «إن أمريكا تريد إخماد الصحوة الإسلامية التي تتوسع وتعزز الدور الإيراني في المنطقة»، وينسف دعاوي المرشد الأعلي للجمهورية الإسلامية «آيه الله علي خامنئي» من أن أمريكا تنشر (الإيرانوفوبيا) في الغرب، ويثبت في الوقت نفسه: «أن وجود السلاح الأخطر في العالم بأيدي الأنظمة الأخطر في العالم: هو «كابوس الإرهاب البديل» الجديد، الذي ينذر بهجوم نووي يوشك أن يتحول إلى خطر داهم وعاجل... ينبغي مواجهته فورا». الجديد هو استمرار محاولات إيران المستفزة لاستعراض القوة في المنطقة سواء تحركاتها البحرية العسكرية أو تصريحاتها غير المسئولة بالنسبة لمضيق «هرمز» أو «ميناء جدة»، وحسب الأميرال «حبيب الله سياري» -نقلا عن وكالة فارس- فإن سفينة الإمداد «خرج» والمدمرة «الشهيد قندي» رستا السبت الماضي في جدة طبقا لأوامر «المرشد الأعلي» بالانتشار في عرض البحر الأحمر. في تصوري أن «تحرش» إيرانبالولاياتالمتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وبالدول العربية من غزة وجنوب لبنان إلي سوريا والعراق ودول الخليج العربي حتي اليمن، تم توظيفه بذكاء من قبل الولاياتالمتحدة التي نجحت في استدراج الإيرانيين إلي المربع الذي تريده. ومن يتابع لهجة التصعيد الحادة للمسؤولين الدينيين – السياسيين، والقادة العسكريين الإيرانيين ضد الولاياتالمتحدة في الفترة الماضية، وعدم اهتمام الأمريكيين بل (وتسفيه) كل مزاعم (غطرسة القوة) الإيرانية، يتأكد من أن (الحرب في المنطقة) علي الأبواب.