تقام في المملكة كل عام مئات المعارض بعضها معارض للكتاب مثل معرض الكتاب بالمدينةالمنورة والمعرض الذي يقام في جامع الملك عبدالعزيز وجميع تلك المعارض لا تحظى بالاهتمام والجدل الذي يحظى به «معرض الرياض الدولي للكتاب» لوجود تيارين على الساحة تيار الاحتساب والتحذير من كتب إفساد العقول والتيار الآخر يدعو للمعرفة والثقافة والاستفادة من وجود هذه المعارض في بلادنا كشعلة علم تنير الطريق للمستقبل فمرحباً بكل مناسبة ثقافية تجمعنا لنتحاور ونقترب من بعضنا الآخر. إن إقامة معرض الرياض في دورته الثامنة دليل واضح على اهتمام ودعم المملكة معارض الثقافة والكتاب خاصة واستمراره يدحض مقولة تراجع الإقبال على الكتاب الورقي أمام الكتاب الإلكتروني وهذه معارض الكتاب السنوية في أكثر من مدينة عربية ودولية خير شاهد منها: معرض الكتاب في الشارقة ومعرض الكويت للكتاب الخليجي ومعرض بيروت للكتاب ومعرض القاهرة للكتاب ومعرض فرانكفورت الدولي للكتاب، كل معرض من تلك المعارض له مذاقه وطعمه الخاص الذي يختلف عن المعارض الأخرى ورغم حداثة «معرض الرياض الدولي للكتاب» لكنه تظاهرة ثقافية وعرس متميز فقد استطاع أن يلحق بركب المعارض الدولية وكل عام يحقق نجاحات كبيرة بوجود 900 دار نشر تمثل 31 دولة وعدد 600 ألف عنوان يتنافس عليها المؤلف والناشر والقارئ وأكثر من مليون زائر هذا العام. إغلاق إدارة المعرض إحدى دور النشر العربية لوجود كتب ممنوعة أغضب صاحب الدار وبعض الناشرين ولكنه أبهج بعضهم خاصة أولياء الأمور الذين وجدوها خطوة مهمة ورسالة للجميع بحظر كل ما يتعارض مع ديننا وقيمنا وعاداتنا والجو العام في المملكة؛ ولذلك أتمنى أن تكون هناك رقابة ذاتية من دور النشر؛ لأن بلدنا له خصوصيته وذلك بهدف المحافظة على الثوابت والاستقرار العام الذي تتمتع به المملكة ولله الحمد بينما اعتبره البعض الآخر نوعاً من الحجر مع وجود إعلام التواصل الاجتماعي الذي يمكن من خلاله الحصول على أي كتاب في العالم ولكني أؤيد قرار وزارة الثقافة والإعلام وأعتبره صائباً. شخصياً أحرص على زيارة معرض الكتاب لأنني أعشق الكتاب الورقي خاصة فأنا من جيل يحب أن يحتضن الكتاب بعكس أولادي وأحفادي جيل الإلكترونيات مع قلة القراءة لديهم. قبل أن أبدأ في اختيار الكتب العلمية والثقافية من القائمة أتجول بين ممرات المعرض لأتنفس رائحة الكتب الذكية التي أعشقها. لدينا بالمملكة عدد من الجامعات الحكومية والأهلية تزيد عن 34 جامعة جميعها تزخر بالأبحاث والكتب العلمية والثقافية ورسائل الماجستير والدكتوراة ولكن مع الأسف مشاركتها ضعيفة في المعرض كُشف عن تقاعس الغالبية عدا بعض الجامعات وأدعو وزارة التعليم العالي لحث الجامعات على الاشتراك في الأعوام القادمة إن شاء الله خاصة أن مشاركتهم أولى من بعض الإدارات الرسمية التي ليست لها علاقة بالكتاب. ومن الأجنحة المتميزة في المعرض هذا العام وكنت أتردد عليه يومياً جناح وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد فقد كان روعة في تصميمه الهندسي البسيط الجميل بألوانه الزاهية وزاده حسناً حسن استقبال القائمين عليه للزوار لذلك حظي بإقبال كبير وهم يقدمون نسخاً من مصحف المدينةالمنورة طباعة مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف كهدايا لزوار المعرض التي تعتبر من أجمل الهدايا لشرف اقتناء نسخة من المصحف الشريف وبعض الهدايا طبعات نادرة لا تباع في الأسواق كذلك نسخ من ترجمات معاني القرآن الكريم بعدد من اللغات الحية كما كانوا يوزعون على الزوار الكتب القيمة النافعة من إصدارات الوزارة بالإضافة إلى بعض الكتيبات للأطفال. مما يشرح الصدر في المعرض هذا العام كثرة زائريه من الشباب والأطفال؛ ولذلك خصصت إدارة المعرض جناحاً لهم، كما قدم المعرض لأول مرة فعاليات مسرحية، وخُصصت منصات للتوقيع وقام عدد كبير من المؤلفين والمؤلفات بتوقيع كتبهم وإن كان بعضهم لأسماء مغمورة. كان المعرض يمثل المملكة بجميع أطيافها رافعاً سقف الحرية كان شعاره «الكتاب .. قنطرة حضارة» تلتقي بين ممراته بالأمراء والوزراء والعلماء والأدباء وطلاب العلم ورجال الأعمال وكبار السن من الرجال والنساء والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة. رغم نجاح المعرض هذا العام كانت هنالك بعض الملاحظات أتمنى أن تقوم إدارة المعرض بالعمل على تلافيها في المعارض القادمة إن شاء الله تعالى منها: وجود أجنحة لعدد من الدوائر الحكومية أعطيت مساحات واسعة مما قلّص المساحة المتاحة للناشرين والنوادي الأدبية أعطيت مساحات صغيرة لا تليق بها ، كما أتمنى على إدارة المعرض إعداد دراسة علمية في أسلوب توزيع مساحات المعرض على دور النشر وأصحاب العلاقة بالكتاب فقط.