بعد 4 سنوات من فضيحة كنيسنا في جنوب إفريقيا عندما أضرب لاعبوها، تخوض فرنسا مونديال 2014 بطموحات حذرة، لكن مع نية استعادة ثقة جمهورها وبناء تشكيلة تمهد الطريق قبل كأس أوروبا 2016 التي تستضيفها على أرضها. فتحت فرنسا صفحة جديدة عندما سمت قائدها السابق ديدييه ديشان مدرباً في 2012 خلفاً للوران بلان، فنجح في مسار التصفيات وأخمد نيران فترة أمضاها ريمون دومينيك مدرباً بين 2004 و2010، أوجدت توترات شديدة بين اللاعبين والجماهير والإعلام، ونتائج سيئة في البطولات الكبرى الأخيرة، لدرجة أنها لم تفُز أي مرة في الدور الأول من كأس العالم 2010. لم تعد فرنسا ذاك الفريق المرعب الذي ضم زين الدين زيدان، تييري هنري، وديشان، ودافيد تريزيجيه، ولوران بلان، ومارسيل دوسايي، وليليان تورام وغيرهم من تشكيلة إيميه جاكيه التي أحرزت مونديال 1998 على حساب البرازيل بثلاثية تاريخية، ثم توجت بلقب أوروبا 2000، فتراجع تصنيفها الدولي إلى المركز ال16. لكن ديشان استطاع استدعاء تشكيلة متوازنة بين النجوم على غرار فرانك ريبيري (بايرن ميونيخ الألماني) وكريم بنزيمة (ريال مدريد الإسباني)، وبعض الوجوه الشابة القادرة على منحها السرعة والنشاط، وأن تكون معه نواة الفريق الذي سيشارك في البطولة القارية المقبلة على أرضه. استفاد «دي دي» من جيل 1993 بطل العالم تحت 20 سنة والفريق الأولمبي، فظهرت أسماء جديدة على الساحة على غرار لاعب الوسط بول بوجبا نجم يوفنتوس الإيطالي الصاعد بسرعة الصاروخ، لوكاس ديني (باريس سان جرمان)، أنطوان جريزمان (ريال سوسييداد الإسباني)، كليمان جرونييه (ليون)، وإلياكيم مانجالا (بورتو البرتغالي)، وقلب الدفاع مامادو ساخو (ليفربول الإنجليزي) الذي منحه ديشان دوراً إضافياً وعينه قائداً في المباريات التجريبية الأخيرة لأدائه داخل وخارج الملعب، في ظل غياب الحارس هوجو لوريس. لكن أجواء ديشان تعكرت بعد استبعاده لاعب الوسط سمير نصري بطل إنجلترا مع مانشستر سيتي الإنجليزي لعدم تقبله لعب دور البديل، فتقدم بشكوى ضد زوجة الأخير بعد أن وجهت إليه الشتائم لعدم اختياره، إذ كتبت إنارا أتانيس على موقع «تويتر»: «فرنسا إلى الجحيم، ديشان إلى الجحيم.. بئس المدرب»، قبل أن تعود وتقدم اعتذارها. يعلق ديشان على تشكيلته: «سنحاول تقديم أفضل كأس ممكنة، لكن وجودي في هذا المنصب يجبرني على التفكير فيما قد يحصل في 2016». لم يكن هامش الخطأ وارداً في التصفيات بعد أن وقعت مع إسبانيا حاملة اللقب وضمن مجموعة من 5 منتخبات، فانزلقت مرة واحدة أمام لا روخا، لكنها كانت كافية لفقدان الصدارة والبطاقة المباشرة. تجاوزت الملحق بمعجزة، بعد سقوطها أمام أوكرانيا ذهاباً بهدفين، فقدمت أداء رائعاً وملتهباً إياباً (3-0) لتبلغ النهائيات مرة ثانية على التوالي من باب الملحق. لم ينفك نجم المنتخب السابق ورئيس الاتحاد الأوروبي الحالي ميشال بلاتيني عن القول بأن «الحظ» رافق ديشان طوال حياته المهنية، فقد عرف كيف يدير لاعبيه من دون أي شائبة، ولديه حس تكتيكي خارق. لطالما فرضت فرنسا احترامها على الساحة الدولية بفضل لاعبين أسطوريين، على غرار ريمون كوبا وبلاتيني وزيدان. اقتربت من التتويج عدة مرات، وأخفقت في المربع الأخير في 1982 و1986، لكنها انتظرت حتى 1998 على أرضها حتى تحرز لقبها العالمي الأول، أتبعته بكأس أوروبا 2000. كادت تكرر فعلتها في 2006 لكن ركلات الترجيح في النهائي أمام إيطاليا ونطحة زيدان مهدتا لفضيحة جنوب إفريقيا 2010. في البرازيل 2014 وقعت بطلة أوروبا 1984 في مجموعة بالغة السهولة على الورق مع سويسرا والإكوادور وهندوراس، وفي حال صدارتها يتوقع أن يكون مشوارها في الدور الثاني أسهل، حيث تواجه وصيف المجموعة الخامسة التي تضم الأرجنتين والبوسنة والهرسك وإيران ونيجيريا. فرنسا افتقدت حارسها الثاني ستيف مانداندا بعد تعرض حارس مرسيليا لإصابة واضطراره إلى وضع واقٍ للرقبة والإخلاد إلى الراحة لمدة 3 أسابيع، فاستدعى ديشان حارس سانت إتيان ستيفان روفييه من الاحتياطيين السبعة وعينه حارساً ثانياً وراء هوجو لوريس (توتنهام الإنجليزي)، فيما أبقى المخضرم ميكايل لاندرو (باستيا) حارساً ثالثاً.