الذين يصفون الليبراليين ب «الجالية» يريدون إيصال رسالة تشويه ضمنية بأن هؤلاء خارج نسيج المجتمع وثقافته، وأن وجودهم مؤقت وطارئ، وأنهم ببساطة دخلاء يفسدون ولا يصلحون، ومن حق هؤلاء أن يقولوا ما يشاؤون وأن يصنفوا المختلفين معهم بالصفات التي يظنونها تحقق الهدف المنشود، ولكن لمصلحة مَنْ؟ لا تقولوا لمصلحة المجتمع رجاءً.. حسناً، سأتفق معكم أن الليبراليين خارج السياق الاجتماعي على الأقل بما يطرحونه من أفكار صادمة في بعض الأحيان، وسأوافقكم أنهم جاليات طارئة كما تقولون؛ لكن ووفقاً لوصفكم أنتم أليست لدينا مجاميع أخرى تستحق أن توصف بالجاليات؟ ما هو رأيكم في المتطرفين مثلاً؟ أليسوا جالية دخيلة بقيمها وأفكارها على مجتمعنا الوسطي؟! ثم ما هو رأيكم في الإرهابيين؟ ألا يستحقون أيضاً أن يوصفوا بالجالية المتخلفة والرجعية التي تعيث خراباً وفساداً في مجتمعنا الطيب والمتسامح والوسطي؟ هذه التصنيفات الحلوة ستنسحب عليكم في نهاية الأمر، وستكون لكل وسط جاليته؛ فهل هذا ما تريدونه؟ وهل بدأتم في إحصاء عدد الجاليات من هذا النوع في البلد؟ بارك الله فيكم وفي جهودكم.. مرة أخرى سأستخدم وصفكم الساحر الجميل وأسألكم؛ أي الجاليات أخطر على ثقافة بلادنا وأمنها: الجالية الليبرالية أم الجالية المتطرفة أم الجالية الإرهابية؟ أم إنها الجالية الإخوانية؟ لا تغضبوا أرجوكم فهذه أوصافكم وتصنيفاتكم أنتم وأنا أجربها فقط، وأحاول تمريرها على بقية فئات المجتمع خشية أن تنسوا بعضها في زحمة انشغالاتكم بالتصنيف.. سامحونا. أخيراً أعتقد أننا ندخل بمصطلح الجاليات هذا عهداً جديداً من الحروب التصنيفية المقيتة، ومن يدري فقد نتحول غداً إلى مجتمع كامل من الجاليات التي تتنافس بينها على الخيبة والضياع، والفضل طبعاً لهؤلاء الطيبين الذين لا شغل لهم على «تويتر» إلا تهييج الناس على بعضهم بعضاً، وإيجاد صفات وتصنيفات جديدة في كل يوم وكل مناسبة.. الله يسد بكم فجرة!!