هاجم الروائي منذر القباني الروائيين الشباب بأن خيالهم ضعيف وتجاربهم محدودة وجُل رواياتهم مذكرات شخصية، ولو كان لديهم خيال واسع لرأينا تجارب كثيرة، فهم يكتفون بعمل روائي واحد ويختفون. جاء ذلك في محاضرة له في مجلس حمد الجاسر الثقافي صباح أمس عن أدب الغموض والتشويق العالمي والعربي، وأدار المحاضرة الدكتور أوس الشمسان. واعتبر قباني أن النصف الأول من القرن التاسع عشر شهد ولادة أدب الجريمة، واستعرض بعض الأسماء المؤثرة في هذه النوعية من الكتابة، ومنها آثر كونان دوبل مؤلف حكايات «شارلوك هولمز» الذي كان طبيباً وقد تأثر كثيراً بمهنته في ترجمة أحاسيسه ورسم معالم شخصياته، مستفيداً من استخدام العلامات والأعراض في نسج حبكته الروائية بدقة في مسرح الجريمة، مضيفاً: لا يمكنني الحديث عن أدب الجريمة ولا أذكر أغاثا كريستي الملقَّبة ب «أم أدب الجريمة». وفيما يتعلق بواقع روايات الغموض والتشويق في العالم العربي، بيَّن إهمال أدب التشويق والغموض عربياً لاستحواذ الروايات الاجتماعية على اهتمام القارئ والناقد، مستغرباً عدم انتشار هذا النوع من الأدب على الرغم من وجود كتَّاب كُثُر منهم جورجي زيدان ومصطفى محمود في روايته «العنكبوت»، ونهاد شريف «مؤسس أدب الخيال العلمي» الذي لم ينل نصيبه من الشهرة والتغطية الإعلامية، ونجيب محفوظ وكانت أول ثلاثة أعمال له روايات فرعونية. وشدَّد قباني على أن هناك أسباباً كثيرة لغياب روايات الغموض والتشويق في مقدمتها ضعف الخيال في العالم العربي، «إذ إننا نعاني أزمة خيال، نحن لا نعلم أطفالنا الخيال الواسع، والخيال أعظم من المعرفة لأن المعرفة محدودة». واستطرد في أسباب غياب روايات الغموض والتشويق قائلاً «إن هناك ضعفاً في دراسة النقد، وكثير من الأعمال لا يُعرف عنها شيء فيشعر المؤلف بالإحباط، حيث لا يتم الاحتفاء بهذا الكم الكبير من الأعمال، إضافة إلى أزمة وسائل الإعلام الثقافي وضعفها التي لا تعطي قيمة لأعمالنا لأنها لا تسوق، وكذلك غياب التحفيز وعدم وجود جوائز متخصصة في ظل غياب دور مؤسسات المجتمع المدني لتشجيع المؤلف على مواصلة الإبداع والناشر ليتبنى المواهب»، مستشهداً بجائزة البوكر رغم سلبياته إلا أنها ساهمت في انتشار روائيين مغمورين وأسماء كانت مجهولة بسبب التغطية الإعلامية كالروائي الكويتي سعود السنعوسي الذي وصلت روايته في عام واحد إلى الطبعة 14.