نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – رعى صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، ولي ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين، يوم أمس حفل افتتاح الاجتماع الثالث لوزراء الثقافة في الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، تحت عنوان «الثقافة العربية الأمريكية الجنوبية الشراكة والمستقبل»، بمشاركة وزراء الثقافة ورؤساء المنظمات الثقافية الدولية المعنية وذلك بقاعة الأمير سلطان بفندق الفيصلية. وقد أكد ولي ولي العهد أن دعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – للاجتماع هو دعم للثقافة والمثقفين، وبناء لجسور التواصل الثقافي مع مختلف دول وشعوب العالم الذي يحرص عليه من خلال مبادراته في جميع المجالات التي تخدم الإنسانية جمعاء، وتحقق التعايش والسلم والأمن والاستقرار. وقال في بداية كلمته «يسرني أن أرحب بكم في المملكة العربية السعودية، متمنياً للجميع طيب الإقامة في بلدهم الثاني، ويشرفني أن أعلن عن افتتاح أعمال هذا الاجتماع نيابة عن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وأن أنقل إليكم تحيات خادم الحرمين الشريفين، وتحيات سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – حفظهما الله – وأمنياتهما لكم بالتوفيق والسداد، ودعواتهما أن يحقق هذا الاجتماع الأهداف المرجوة منه، وأن يكلل بالنجاح بإذن الله تعالى». وقال الأمير مقرن «إن حرص سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في التقارب بين شعوب العالم وتعميم الأمن والسلام، قد تجلى بإطلاق مبادرته – حفظه الله – للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وقد مرت هذه المبادرة بمراحل وتوجت بإنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات. لقد بدأت مبادرة الحوار منذ القمة الإسلامية الاستثنائية التي عقدت في مكةالمكرمة عام 2005م مروراً بدعوته – حفظه الله – للمؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي عقد في مكةالمكرمة عام 2008 م وما أسفر عنه المؤتمر من تبني الدعوة إلى إنشاء مركز عالمي متخصص في الحوار بين أتباع الأديان والثقافات وصولاً إلى تدشين المركز في 26 نوفمبر 2012م، وسيستمر المركز منبراً للحوار معتمداً على ثقافات شعوب العالم وإدراكها لهذا المفهوم». وأكد في كلمته أن هذا الاجتماع يسعى «إلى تقوية العلاقات وتعزيز الصلات الثقافية والتراثية بين شعوبنا، وتنمية سبل الحوار والتفاهم حول جميع القضايا التي تهم مجتمعاتنا ومستقبلنا، وأن ترتقي إلى طموحات قادتها استمراراً للتنسيق السياسي بين دول كلتا المنطقتين – العربية وأمريكا الجنوبية – التي أقرت آلية للتعاون في مجالات الاقتصاد والثقافة والتربية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا وحماية البيئة والسياحة وغيرها من المجالات ذات الصلة لتحقيق التنمية الدائمة في تلك البلدان والمساهمة في تحقيق السلام العالمي والاستقرار». وفي ختام كلمته جدد صاحب السمو الملكي الأمير مقرن الترحيب بالضيوف متمنياً لهم التوفيق والخروج من هذا الاجتماع بما يحقق الطموحات ويستكمل ما بدأه الاجتماع الأول الذي عقد في جمهورية الجزائر الشقيقة عام 2006م، والاجتماع الثاني الذي عقد في جمهورية البرازيل الصديقة عام 2009م. وأعلن وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز خوجة خلال الحفل عن مبادرة المملكة بإنشاء «بوابةٍ إلكترونيةٍ للثقافةِ العربيّةِ الأمريكيّةِ الجنوبيّةِ»، وقال في كلمته التي ألقاها في ختام الحفل: يُشرّفني من خلال هذا المنبر أنْ أعلنَ عن مبادرةِ المملكةِ بإنشاء «بوابةٍ إلكترونيةٍ للثقافةِ العربيّةِ الأمريكيّةِ الجنوبيّةِ» للعنايةِ بنشرِ وتبادلِ الأعمالِ الثقافيّة بين الدولِ العربيّةِ ودولِ أمريكا الجنوبيّة، على أن يتم التنسيقُ في ذلك مع الأمانةِ العامّةِ في الجامعةِ العربيّةِ وترتيبِ آلياتِ المشروع كاملةً حتَّى يتمَّ إقرارُهُ والعملُ به». كما أشار وزير الثقافة والإعلام ضمن كلمته إلى أن هذا الاجتماع يأتي بعنوان «الثقافة العربية الأمريكية الجنوبية: الشراكة والمستقبل» ضمن محورين أساسيين هما: «الحضارة العربية الإسلامية في أمريكا الجنوبية ودورها في بناء جسور الحوار» و «مستقبل الحوار الثقافي العربي الأمريكي الجنوبي»، وهي نافذة لنشر ثقافة الحوار بين الشعوب بثقافاتهم المختلفة، وتهيئة الفرص لالتقائهم حول المشتركات الإنسانيّة لإرساء قيم التفاهم والتسامح والتعاون في كل ما ينفع الإنسانية ويحفظ السلام العالمي. وقال: إنّ هذه النافذة تأتي متوائمة مع حوار الثقافات بين الشعوب الذي يحرص على دعمه قائد هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ممثَّلة في مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ويضع لنا مدخلا للتعاون في هذا التلاقي المهم والمفيد خاصة بما لدى هذا المركز من خبرات وإمكانات لها تأثيرها على مشاريعنا الثقافية المشتركة. وأكد وزير الثقافة والإعلام في كلمته أيضاً أن خادم الحرمين الشريفين – أيده الله – أولى الثقافة والمثقفين في المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغاً ووفر للمشروعات الثقافية المتنوعة دعمًا ماديًا ومعنويًا كبيرا، مكنها من أن تمتد إلى الخارج في بعد إنساني فريد، فما جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للتراث والثقافة وجائزة الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمية للترجمة إلا مثالان من أمثلة كثيرة تعكس مبادرات خادم الحرمين الشريفين الجادة للسلام والتعاون والتعايش والتآلف. وقال: إن أصداء الفقد التي أحدثتها وفاة الأديب الكولومبي المرموق غابريل غارسيا ماركيز مؤخرا في الأوساط الثقافية السعودية خاصة وفي الأوساط العربية عامة لتبين مدى التقارب الثقافي والحضاري الذي يربط بين شعوبنا، بل ربما كان ماركيز نفسه في جوانب من إبداعاته ثمرة من ثمار تواصل حضارتينا. ثم ألقت الأمين العام المساعد للشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية السفيرة فائقة صالح كلمة أشادت فيها بدور المملكة العربية السعودية في دعم القضايا المصيرية في العالم خاصة القضايا الثقافية. وقالت: إن البعد الثقافي من أهم ركائز بناء جسور التواصل بين العالمين العربي والجنوب أمريكي، مشيرة إلى أهمية الثقافة في بناء الشراكات بين دول المجموعتين. وأشارت إلى أهمية هذا الاجتماع كونه يهدف كذلك إلى دعم المبادرات الرامية لإقامة حوار جاد بين الحضارات وأتباع الأديان والشعوب، وتأكيد حق كل إنسان في حرية التفكير والرأي، ومواجهة التصوير السلبي المتعمد للمقدسات ورموزها والوقوف في وجه دعوات الكراهية والتحريض. إثر ذلك ألقيت كلمة رئيس الاجتماع السابق (دولة البرازيل)، ألقاها رئيس الوفد البرازيلي برنارودو ماكادو معربًا عن شكره للمملكة على حسن الاستقبال وكرم الضيافة التي حظي بها المشاركون في الاجتماع من المملكة الذي يعكس اهتمامها بالثقافة، وإيمانها بأهمية الحوار بين الثقافات. وأرجع اهتمام البرازيل بالاجتماع إلى التأثير الكبير للعرب هناك، بوصفهم من الفئات الكبيرة والمهمة في بلاد السيليساو، مؤكداً أن وزارة الثقافة البرازيلية تولي التبادل والتواصل بين الثقافات أولوية ضمن سياساتها. وأبان أن الوزارة تحمي التنوع الثقافي بالبرازيل عبر كثير من المبادرات داخل البلاد وخارجها، وتدعم في سبيل ذلك المتاحف والمكتبات وتساهم في ترجمات الكتب من خلال مشروعات وبرامج ثقافية. ونوه بأصالة الثقافة العربية والإسلامية التي سجلت حضورها في معظم الثقافات العالمية، لافتاً إلى أن هذه الثقافة باتت جزءًا من ثقافة البرازيل وأثرت في لغتها وعاداتها وتقاليدها. كما نوه نائب وزير الثقافة رئيس وفد البيرو بضرورة الاهتمام بالتنمية المستدامة لاسيما تنمية الموارد البشرية في مجال التراث والثقافة، مشددًا على ضرورة التعاون والتبادل الثقافي بين الدول ، لافتا إلى أن ASPA يمكن أن تصبح القناة الرئيسة للتعاون الثقافي بين شعوب المنطقة كما يمكنها أن تكون ذات دور فاعل في نشر ثقافة السلام ودعمها من الناحية النظرية والعملية نظرًا للسمات الثقافية التي تتمتع بها الشعوب. مؤكدًا على أن هذا الاجتماع ينطلق من مسؤوليات وزارات الثقافة في المحافظة على التراث الثقافي وضمان استمراره لكي يصل إلى الأجيال القادمة مما يفرض على الجميع المحافظة على التراث الثقافي من خلال مكافحة سرقة الآثار والاتجار بها ودعم تعزيز الثقافات والتقاليد المحلية.