المتابع للنقاشات التي تتم بين شباب بلادنا في شبكة الإنترنت، والمنتديات الاجتماعية، وكذلك الديوانيات الأهلية، يكتشف بأن هذا الجيل أصبح اليوم يناقش جميع الأحداث دون خوف، أو قلق، حتى أصبحوا يناقشون القرارات الحكومية والأهلية، ويراقبون الأوضاع الجارية في الخليج والدول العربية. ومن يتابع الحراك الجديد يكتشف بأنه يعيش حالة التأثير المجتمعي المحيط به. وقبل أكثر من عام، كنا نقول بأن هذا الجيل لا يعتمد عليه، ولا يستطيع تحمل المسؤولية، ولكن هذا الجيل اليوم يناقش أزمات السكن، وأزمة العمل، والبطالة، وتوظيف المرأة، والقبول الاجتماعي لمكون ثقافي جديد. وهذا ما يجعلنا نخشى بأن آلية الحوار التي تستخدم مع هذا الجيل لا تستطيع التواصل معه عبر قنواته التي يستخدمها. قام بعضهم بمحاولة الدخول في تقنية الشباب، بحجة أنه يريد التواصل معهم، ومعرفة آلية تفكيرهم، لكنهم للأسف حينما دخلوا على هذه الآلية كأوصياء على الشباب، وبالمنهجية نفسها المعتمدة في الإقصاء والإبعاد، ومحاربة الأفكار التي يطرحها الشباب، فتارةً يصفون تلك الأفكار بالمستوردة من الغرب، أو أنهم يحملون أفكاراً تغريبية، فتحولت ساحة الإنترنت إلى معارك بين الأجيال. على المتحاور أن يؤمن بأن هناك أساليب مختلفة، وعليه أن يقتنع بأنه جاء للحوار، وليس للإقصاء، وعليه أن يتنازل عن تعصبه لأفكاره، وأنه جاء ناصحاً، فالحوار لا يعني الوصاية، بل قبول الآخر، وربما تغير الأفكار لدى أحد الفريقين المتحاورين. ولعل هؤلاء الذين يفقدون أبجدية الحوار على شبكات التواصل الاجتماعي جعلوا شباب الوطن أكثر تعصباً في حواراتهم، وأصبح بعضهم يرفض أبجديات الحوار، والرفض المسبق للآخر. وهذا ما يعني أننا نقلنا بيئتنا الرافضة للآخر إلى المواقع الإلكترونية، بحجة الدخول للجيل الجديد من خلال أدواته. وعندما نلقي نظرة على كثير من المؤتمرات التي تتوجه للشباب، نجدها خالية منهم، وأن المتحاورين في شؤون الشباب هم ما بين الأربعين والستين من العمر. أين هم شبابنا من هذا الحوار، ولماذا يشعر هؤلاء الشباب بأن المتحاورين معهم لا يحملون مصداقية في ما يطرحون، أو ربما يشعرون بأن الآخر جاء بصفة الواعظ، وليس المتحاور.