تواصل صباح أمس عقد جلسات مهرجان جواثى الثقافي الرابع، الذي نظمه نادي الأحساء الأدبي بالشراكة مع جامعة الملك فيصل في الأحساء لمدة ثلاثة أيام، تحت عنوان «العربية في أدب الجزيرة والخليج العربي». وناقشت الجلسة الخامسة في المهرجان، التي أدارها الدكتور عبدالله السلمي، محور «الرؤية اللغوية والنحوية للأعمال الأدبية.. الحضور والغياب»، استهلها الدكتور إبراهيم الشمسان (جامعة الملك سعود في الرياض)، بتقدم ورقة بعنوان «أخطاء في لغة الرواية السعودية»، قال فيها: يصدم عاشق الفنون الأدبية ما يواجهه من أخطاء في الأشعار والروايات والقصص القصيرة، وهي أخطاء قد تكون عامة مشتركة بين الكتابات الأدبية المختلفة وغير الأدبية من مقالات صحفية ونشرات إعلانية، أو أدلة تعريفية أو مكاتبات رسمية، أو أنظمة ولوائح، بل إن البحوث اللغوية لم تسلم من تلك الأخطاء. وأوضح الشمسان أن تلك الأخطاء، قد تكون خاصة، أخطأها الكاتب؛ لأنه لا يعلم أن ذلك من الخطأ، وغفل عن مخالفة ما كتبه عن مراده هو، وغابت عنه جهة الصواب، لافتا إلى أن المبدعين ربما لا يهتمون بعرض أعمالهم على مدققين لغويين ليعينوهم على الصياغة النهائية الصحيحة. أما الدكتور محمد عبيد (جامعة تبوك) فطرح ورقة بعنوان «دور الضمائر في تشكيل الدلالة الشعرية»، أشار فيها إلى أن من أبرز الإنجازات التي حققتها الدراسات الأدبية في مرحلة ما بعد الواقعية هو عودتها مرة أخرى إلى توكيد المنظور اللغوي للظاهرة الأدبية. فيما ذكر الدكتور محمد الروابدة (جامعة الملك فيصل) في ورقته «مستوى القاموس اللغوي الأدبي»، أن القاموس اللغوي الأدبي في عمل الروائية قماشة العليان يحمل ثلاثة مستويات لغوية، هي: المستوى العامي المبتذل بكل أشكاله، حيث تختلط اللغة الفصحى بالعامية المبتذلة أحيانا، وقصصا لبعض شخصيات الرواية العاديين، قد يكونون من غير العرب، فتنقل ألفاظهم كما هي، مشيرا إلى أن ذلك لا يحط من شأن الرواية، ولا يمثل خروجا عن قواعد اللغة المعيارية، بل إنه مستوى لغوي معروف لدى عامة الناس، يقصد به نقل الصورة المحكية. أما الثاني، بحسب الروابدة، فهو المستوى العادي القاصر على مجرد الإفهام، حيث تكون صورة الأحاديث مقبولة، والمعروض منها حسنا، فيما المستوى الثالث: اللغة البلاغية، أو الأدبية، التي تمثّل مستوى فرديا خاصا لاحقا على المستوى العادي، ومنحرفا عنه إذا ما قيس إلى القواعد التي تحكم هذا المستوى. وأبان الدكتور هاني الفرنواني (من جامعة أسيوط) في ورقته «تشخيص المستوى اللغوي والإبداعي لأعمال الشاعر محمد بن علي الكعبي العمري»، أن العمري يملك خيالاً خصبًا في قصائده، وله ديوان ضخم يشتمل على بضعة آلاف من الأبيات الجيدة. وسبق الجلسة الخامسة عقد جلستين، بحثت الأولى منها (الجلسة الثالثة) محور «أثر الترجمة في لغة الإبداع»، وقدم فيها الدكتور خليفة الميساوي (جامعة الملك فيصل)، ورقة بعنوان «الترجمة بين الإبداع والتأويل»، شدد فيها على أن نظريات الترجمة تؤكد على أن عملية الترجمة لا تخلو من الأبعاد الإبداعية والتأويلية باعتبارها تجمع بين العلم والفن، فيرتبط التأويل بالفهم ويرتبط الإبداع بالتصور وهما عمليتان متلازمتان في التواصل اللساني التي تسبق عملية الترجمة. وذكر الشاعر والمترجم الإماراتي الدكتور شهاب غانم في بحثه «تجربتي في ترجمة الشعر»، إن فضيلة الشعر ليست مقصورة على العرب، مشيرا -على سبيل المثال- إلى أن هوميروس أبدع الإلياذة والأوديسة قبل كل الشعر العربي بقرون. وقال إن رأي الجاحظ بخصوص ترجمة الشعر فيه شيء من التضييق، غير أنه أكد أن القصيدة الراقية يكاد يكون من المستحيل أن ترقى ترجمتها إلى نفس مستوى النص الأصلي، لكنه أكد أن ما لا يدرك جله لا ينبغي أن يترك كله. من جانبه، ركز الدكتور زكي الحريول (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – فرع الأحساء) في ورقته «قوانين التركيب.. والإبداع اللغوي»، على تجلية طبيعة المستوى التركيبي في البناء اللغوي، وأثره في إبداع اللغة بشكل عام وفي الإبداع الأدبي بشكل خاص، من خلال إبراز جوانب الممانحة والممانعة التي يتفاعل فيها منشئ اللغة مع أنظمة تراكيب اللغة وقوانينها، للوصول إلى الجوانب النظامية التركيبية المثرية للإبداع اللغوي، وذلك من خلال سمتين رئيستين في النظام النحوي هما: احتواء النظام النحوي لمولدات الإبداع اللغوي وتنظيمه لها، ومراعاة النظام النحوي لخصوصية الأجناس الأدبية وطبيعة تشكلها. أما الدكتورة سحر شريف (جامعة الطائف)، فأوضحت في بحثها «لغة السرد القصصي في مجموعة (شيئاً من تقاسيم وجهها) لعبدالله ساعد»، أن اللغة انسجام وتناغم ونظام، واللغة الإبداعية نَسج بديع، وهي التي تميز كاتبا عن آخر، مؤكدة تطور البناء اللغوي للقصة القصيرة استجابة لروح العصر ومستجداته وفلسفته وقضاياه الجمالية. وقالت: بناء على ذلك تأثرت لغة ساعد بمحيطه المعرفي العام الذي لا يقتصر فقط على مخزونه الثقافي وإنما يمتد إلى جذوره وبيئته. وقدمت الدكتورة آمال يوسف (جامعة الطائف) ورقة بعنوان «اللغة في شعر حسين العروي»، قالت فيها إن لغة الشعر لغة خاصة في البناء والتراكيب وتنتج عن تفاعل موهبة الشاعر مع رؤياه الشعرية وهو في الخطاب الشعري ينقل اللغة من العام إلى الخاص، ومن المحدود إلى غير المحدود. وأضافت أن مواقف الشعراء تتباين إزاء اللغة بتباين التجارب الشعورية والموهبة الفطرية والأسس البيئية، لكن الشعراء يتفقون في أنهم يختارون الكلمات ذات الأثر الفني الذي ينقل المتلقي إلى أجواء يعيشها الشاعر نفسه. وخصصت وقائع الجلسة الرابعة لمناقشة محور «متلقي الأدب بين الفصحى والعامية والعربية والإعلام»، واستهلها الدكتور عبدالحميد الحسامي (جامعة الملك خالد في أبها)، بورقة عنوانها «اللغة العامية في شعر البردوني»، ذكر فيها أن البردوني يعد من أكثر الشعراء نزوعا نحو اللغة العامية وتخصيب النص الشعري بها في سياق يتجادل فيه المستوى الفصيح مع المستوى العامي. فيما تحدث الأديب محمد الغامدي في ورقته «العامية بوابة الفصحى أم نافذتها؟»، عن التلقي خارج الفصحى، وأشكال اللهجات غير الفصحى، واللهجات التاريخية، ولكنات الأعاجم والمولدين، والمفردات المترجمة، واللسان الدارج، ومحاضن العامية اليوم، والبيئة المحيطة، ودواوين الشعر الشعبي، والحكايات الشعبية. أما الدكتور خليفة بن عربي (جامعة البحرين) فقدم ورقة عنوانها «العامي الفصيح ومقاربات تدبيج النّصّ ديوان أحاديث سمك لمبارك الخاطر أنموذجاً»، تحدث فيها عن تأصيل مفهوم اللفظ العامي الفصيح وصلته باللغة الفصحى وأهميته، مع تسليط إضاءات حول الفرق بين مصطلح اللغة الفصيحة واللغة الفصحى وعلاقة ذلك كله باختلاف اللهجات العربية القديمة. فيما أشار الدكتور عبدالرحمن المهوس (جامعة الدمام) في ورقته «اللغة العربية في إعلام ما بعد الحداثة»، إلى أنه إذا كان الإعلام قد أثَّر في اللغة العربية منذ بدء الصحافة في العالم العربي، فإن تأثيره في عصرنا أصبح أضعاف ما كان، بعد الانفتاح الفضائي، والانفجار المعلوماتي، مرجعا ذلك إلى عدة عوامل، منها زيادة مساحة الإعلام في حياة الإنسان، وتنوع الممارسة الإعلامية، وبروز جمهور جديد، وظهور قيم جديدة. وقال: بما أن الإعلام يقوم في الأساس على اللغة بوصفها أداته الرئيسة، فإنها حتما ستتأثر بهذا التغير، سلبا أو إيجابا. بدوره، استعرض الدكتور محمد الشاذلي البنداري (جامعة أم القرى) في ورقته «العربية والإعلام، مفاهيم ونظريات قديمة وحديثة»، مفاهيم الاتصال اللغوي عند القدامى مثل الجاحظ، ومفهوم اللغة عند ابن جني، وركز على اللغة في الإعلام المعاصر وتسليط الضوء على المشكلات التي تواجه اللغة في الإعلام، وإبراز دور الصورة الإشهارية وأنها نوع من الدلالة يجب الاهتمام به كالكاريكاتور.